Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Géneros
فسر الملك بهذه الكلمة في شكره، وكان ما كان من أمره.
قال: هكذا الملوك العظماء، يحتالون على الثناء، ويأخذونه من عبادهم الأمناء؛ والآن ائذن لنا يا تحوت إن سألناك ماذا تكتب؟
قال: ولم يا مولاي، وما كتبت في عمري حرفا إلى عرضته عليك؟
ثم مشى الفتى إلى منصة الكتابة، وكانت عليها رسالة من إنشائه، جف مدادها أو كاد، فأخذها ثم دفعها إلى النسر وهو يقول: هذه الرسالة مني إلى أخي، أحد جنود الملك في أسطول البحر الأحمر، أشكو فيها من بطء مكاتيبه عني، وأبشره بمنزلتي الجديدة في الخدمة الشريفة، وأصف له بعض أخلاق الملك.
قال الأستاذ: ما قرأ الكلام مثل كاتبه، فخذ فأسمعنا يا تحوت.
فتناول الفتى الرسالة ثم قال: «يا أخي، ما شغلك عني وأنا المشغول بك، أعتني بأمرك، وأسأل عن خبرك، وأذكرك في السر والعلانية، أأفزع بالشكوى من هذا الجفاء، إلى شيمتك الوفاء، أم أعوذ بهوروس حامي حمى الثغور، ومسير تلك الأساطيل كالجبال في البحور، أن يكون بين جنده من ينسى الصديق وينام عن عهده، وقد عرفت نفوسهم بالوفاء، كما وصفت بالنخوة والإباء؟ ولئن أخذت بقسط من العزة التي هي لجنود الملك بالحق، فإنها لكم جماعة الجند ولنا معشر الحاشية، وما سوانا من الناس فأشباه، إلا من حسب على رفيع ذلك الجاه.
ولعله نمى إليك أني ازددت من حظوة، واستفدت في سبل الفخار خطوة، فجعلت على ملابس الملك أنشرها وأطويها، وعلى جواهره أسهر على حفظ غاليها؛ وقد أشفقت من الأمر في أوله، وحملته وأنا أعلم أنه جسيم، وأني قادم على ملك تام المهابة عظيم، فلا والآلهة ونعمائهم، وآباء الملك وثنائهم، ما سمعت كحديثه، ولا آنست كبشره، ولا رأيت كحلمه، ولا عرفت أقل اغترارا بالدنيا منه، ولا أكثر ذكرا للآخرة، إذا دخلت عليه بثياب الملك قال: ما هذي العواري يا تحوت؟ وإذا حملت إليه التاج قال: ألبسني يا تحوت، فلا تمس يدي شيئا يخرج منها غدا. وسألني جلالته مرة: ما أجمل الثياب يا تحوت؟
فقلت: ما تجمل بالملك!
قال: كذبت ربك! أجملها ما لبس الفقير بعد الغني، وثيابي لا تصلح لفقير بعدي، فمر صناع لباسي ألا ينقشوا رموز الملك على جميعه، وأن يقصروا ذلك على ما أتخذ منه في المحافل. وطلب خاتما له من نحو ألف خاتم في الخزانة، فتشابهت علي، فأبطات ولم أجسر على مخاطبته، فلم أدر إلا به عند رأسي وأنا في البحث عن طلبه، فتبسم ثم قال: الخاتم لك إن وجدته يا تحوت!
فأطرقت هنيهة ثم قلت: في البحار يا مولاي مليكة اللؤلؤ التي لم يهد لها الملوك حتى الآن، وهي لجلالة الملك إن وجدها. فاستضحك ثم قلب طرفه في الخزانة حتى عرف الخاتم، فقال: هو ذا الخاتم، فخذه فهو لك يا تحوت! فقبلت الأرض بين يديه شكرانا لأنعمه، ثم تحول عني فسمعته يقول: أي آمون، جنبني الغضب، وأدبني أحسن الأدب، واجعلني من يثيب لسبب ويعاقب لسبب!
Página desconocida