لكي تجهز على نفسك؟
جراندير :
فإني في حاجة شديدة إلى الاتحاد بالله، إن العيش قد اعتصر مني الحاجة إلى الحياة، وقد آلت قدرة الحواس عندي إلى الإنهاك المطلق، إنما أنا رجل ميت مرغم على العيش ...
الحاكم :
لست ممن يجادلون بسفسطة ولكن قل لي، إنني أرى أن القضاء على النفس بشكل قاطع ظاهر ليس من الأمور المحللة، ولكن أليس خلق ظروف موتك - وهو ما تفعل أنت فيما يبدو - كذلك من الإثم؟
جراندير :
اترك لي شيئا من الأمل.
وفي موضع آخر تقول جان: ... الإنسان مخلوق عجيب، يدعو إلى السخرية، وربما لم يخلق إلا من أجل ذلك، شامخ برأسه، منتش بعمله، مما يدعو إلى الاستخفاف به، مستغرق في اختراع معبودات زائفة يبرر بها وجوده، فيصم أذنيه عن الضحك، لا يرى بعينيه إلا نفسه، فهو أعمى عن شارات السخرية التي يلوح بها في وجهه، وهكذا يسير مخمورا، أعمى وأصم، خير موضوع للتفكه العملي.
وهنا يا أخواتي يجد الأبناء التعسين من أمثالي مجالا لأداء أدوارهم. إننا لا نسخر من أبينا المحبوب في السماء. إننا نحتفظ بضحكاتنا نوجهها إلى أبنائه التعسين المذنبين الذين يرتفعون عن مستواهم، ويعتقدون أن لهم هدفا آخر في هذه الدنيا غير الموت.
بعد أوهام السلطة تأتي أوهام الحب، عندما يعجز الإنسان عن التحطيم يبدأ في العقيدة بأنه يستطيع الخلاص بالتسلل إلى زميل له في الإنسانية، وهكذا يخلد نفسه، إنه لا يفتأ يكرر قوله: أحبني، أحبني، أعزني، احمني، أنقذني. إنه يقول ذلك لزوجته، وعاهراته وأطفاله، وبعضهم يقول ذلك للجنس البشري كله، ولا يقولون ذلك لله قط، وربما كان هؤلاء أشد من يدعو إلى السخرية، وأكثر من يستحق الازدراء؛ لأنهم لا يدركون مجد الفناء، هدف الإنسان: العزلة والموت ...
Página desconocida