Shawqi: Cuarenta Años de Amistad
شوقي: صداقة أربعين سنة
Géneros
وأما «غير قادر المشيب»، فلم أفهمه جيدا.
وأما قوله: «ثم تواكل الثلاثة بالباب فلم يزالوا به حتى كسروه»، فأظن أن المقصود توكل بدون ألف، وأن الألف زائدة من غلط الطبع، وأن أديبا راسخا مثل شوقي بك لا يخفى عليه مثل هذا. وغلط الطبع يقع كثيرا حتى في نفس البيان مع كثرة مراجعات الشيخ في تصحيح المسودات، ألا ترى أنه ورد فيه هذه المرة «بحيث كان كل منها ضاربا ومضروبا» بدل كل منهما.
ثم انتقد البيان بعض أبيات الرواية من جهة الوزن واستغرب وقوع الناظم في مثله مع ما هو معروف به من طول الباع في صناعة الشعر، ولا بد من تصويب قول البيان في انتقاده هذا من الوجه العروضي إلا أنه لا ينكر أن مثل ذلك وقع أيضا للشعراء حتى الفحول منهم، وأنه مما لا يقدح في شاعرية شوقي بك لأن الشعر غير الوزن، وكل منا يحفظ «وقل أنا وزان وما أنا شاعر» على أن الظاهر من شوقي بك أنه قليل الاحتفال بهذه الصور الظاهرة، بل نراه قد يتحدى الإفرنج في شعره، فلا يبالي مثلا بأمر القوافي التي يكررها كثيرا بالمعنى الواحد كما لاحظته في همزيته الشهيرة، ولا يعبأ بتجوزات أخرى أعرفها له، وأخشى أن يتمادى به احتقار القيود الشعرية إلى أن ينظم أخيرا بدون قافية نظير شعراء الإنكليز.
وإني لأعذره عند النظم حينما يكون خاليا به شيطان الشعر مستغرقا في التأمل، غائصا في أبحر التخيل من عدم إسفافه إلى تفعيل المنسرح والسريع وتقطيع كل بيت بل كل شطر مما ينظم.
ولكني أنصحه باجتناب هذه الأبحر التي في ركوبها خطر الوقوع وإزباد علماء في العروض مثل الشيخ، والله يعلم أنني ما نظمت عليها شيئا أرويه ولي ندحة في الطويل والكامل وأشباههما عن هذه الأوزان العرجاء، وغنى بركوب تلك الأبحر الواسعة عن هذه الخلج العوجاء.
هذا ما عن لي إيراده من محاكمة هذين الفاضلين؛ لا أقصد به تهضم جانب أحد منهما ولا الاستطالة على أحد؛ فإنني أول من أقر بعجزه، ولي من مودة كل منهما ما يكفل لي تصحيح دعواي هذه.
وبالجملة فلا أبرئ البيان من التشديد في مؤاخذة شوقي بك والتحجير في الواسع، كما لا أبرئ شاعرنا الشهير من النزوع إلى أبعد مذاهب الشعر أحيانا في كتاباته، ومن تسلط التأمل على مخيلته إلى حد الذهول الذي يجعله أن يقع في فرطات منشؤها السهو، وأن يقول مثلا في بائية الحرب:
تنام خطوب الملك إن ظل ساهرا
وإن هو نام استيقظت تتألب
إذ كيف يظل ساهرا والسهر إنما يكون في الليل ولا حاجة هنا للمجاز؛ إذ يمكننا أن نقول: بات ساهرا، فلا جرم أن مثل هذا سهو صريح أدى إليه ذلك الذهول.
Página desconocida