Shawqi: Cuarenta Años de Amistad
شوقي: صداقة أربعين سنة
Géneros
فقد كنت أحبه لعذوبة أخلاقه وحسن معاشرته وأجله لعلو فكره وبداعة شعره، وأجمع فيه بين الحب والحرمة، وما أسعد الإنسان إذا كان يحب من يحترم ويحترم من يحب! وما أصدق قول المتنبي:
ضروب الناس عشاق ضروبا
فأعذرهم أشفهم حبيبا
وإني أتذكر من جملة ما كان بيننا من النكات كتابا بعث به إلي من فرنسا ضمنه عدة جمل متتابعة؛ قلد في كل واحدة منها أديبا من الأدباء المعدودين حاكيا أسلوبه الخاص، وليس الكتاب - مع الأسف - محفوظا عندي ولا غيره من تلك المكاتبات، ولكنني أتذكر بعضه، فهو يقول: لم يتم له ما أراد من إيصال النفيعة إلى أبناء الجلدة «بكرية»، وقد مرق من ذلك مروق السهم من الرمية «شكيبية»، ثم ذكر جملة ثالثة ما عدت أتذكرها، وقال عنها «صبرية»، وجملة رابعة لم أعد أتذكرها ولا أتذكر من حاكى بها؛ والحاصل أنه في الجملة الأولى يشير إلى أسلوب السيد توفيق البكري الأديب المشهور، وفي الجملة الثانية إلى أسلوب هذا العاجز، وفي الجملة الثالثة التي نسيتها إلى إسماعيل صبري باشا، وهلم جرا.
وأرسلت إليه من بيروت صورتي الفتوغرافية، وكتبت تحتها:
لئن كنت أحمد شوقي إلي
فما زلت أحمد شوقي إليك
رعى لك قلبي ودادا به
أضن على الكل إلا عليك
وكنت أبعث إليه من فرنسا بكثير من حلاوات الشام، وأتلذذ على البعد بأن يتذوقها ويتلذذ بها، وكنت كلما قرأت له قصيدة من تلك القصائد الرنانة - لأن شعره بدأ يرن من ذلك العهد - تمتلئ جوانحي بها مسرة ونواظري قرة، وبقي ذلك ديدني معه إلى أن مات، لا أتلو له شعرا إلا كان لي سبب سرور، وإلى هذا أشرت بقولي في القصيدة التي نظمتها له بمناسبة يوبيله سنة 1927:
Página desconocida