أمر يجدر بالمسلم التفكير فيه، كيف لم يحتط المسلمون لهذه السيول ولبثوا أحقابا يفجئهم السيل ثم ينسونه، أو يتخذون له سدودا لا تقوى عليه ولا تثبت له حين يدهمها؟! إن الأمر جدير بالاهتمام والتدبير والعمل الناجز، وعسى أن نسمع ونرى ما تفعله العزيمة والعلم لوقاية الحرم إن شاء الله.
الجمعة 13 شوال/28 يوليو
الصور المشوهة في البيان
للمجاز في توسع اللغة وتطورها شأن كبير، وأثر بليغ. وإذا تأمل الإنسان فيما يقرأ ويسمع من مقالات أدبية وخطب، يجد المجاز أكثر من الحقيقة؛ المجاز الذي شاع استعماله حتى ظن أنه الحقيقة، والمجاز البين الذي يذكر القارئ بنفس، وقد يسر للناس شيوع التجوز، أن يقرنوا بين صور غير متألفة يتوهمون أن المجاز تنسى صورته الأولى بنقله إلى المعنى الثاني. وهذا موضوع أوسع من أن يعالج في هذه الخاطرة، فحسبي أمثال قليلة من أمثال لا يحصيها العد يبصرها المتأمل في كلام الكتاب والخطباء. قرأت في صحيفة: «ولم تزل جراثيم الفساد قائمة على أصولها»، والجرثومة: التراب المتراكم حول الشجرة، أو أصل الشيء، فتصور جرثومة قائمة على أصولها من الصور المشوهة.
وقرأت في صحيفة أخرى: «يبنون صروحا من الباطل على سلسلة من المقالات»، فضحكت لصورة صروح قائمة على سلاسل.
وقرأت في إحدى الصحف: «قد محلت البلاد بعد إقبال»، والقارئ حين يقرأ محلت يتصور الجدب وما كان قبله من خصب، وتفاجئه كلمة إقبال بما لم ينتظر! وسمعت في إذاعة «أن فلانا أجرى مقابلة»، فقلت في نفسي: ليت شعري! كيف تجرى المقابلة؟!
وغير هذه الأمثلة أوضح منها وأغرب، ولكن يضيق المجال عن بيانها، وهذا مثل ابن دقيقة كتبت الآن لضيق المقام. ثم ذكرت أن مقام الإنسان لا يضيق ولا يتسع ولكن يطول ويقصر، فكتبت: المجال.
هذه دقائق أرجو أن تفصل في مقالات نوفيها حقها من البيان إن شاء الله .
السبت 14 شوال/29 يوليو
سير القلم
Página desconocida