- فالحديث الصحيح الثابت أن النبي ﷺ لما أذن مؤذنه حين رجوعه من حنين وسمع أبو محذورة أذان مؤذن رسول الله ﷺ صار يؤذن كما يؤذن مؤذن النبي ﷺ استهزاءا وتهكمًا فلما سمع النبي ﷺ صوته وصوت من معه من الرجال قال: أيكم صاحب الصوت - يعني الأعلى - فقال: أصحابه هذا وأشاروا إلى أبي محذورة فطلبه النبي ﷺ وصرف أصحابه وألقى عليه الأذان.
ففي الحديث أنه إنما ﷺ ألقى عليه الأذان وأمره به لكونه صيتًا أي: رفيع الصوت فإن النبي ﷺ ميز صوته لارتفاعه ﵁.
وأما الدليل على أنه يستحب أن يكون حسن الصوت:
- فالحديث الصحيح الذي سيتكرر معنا وهو حديث عبد الله بن زيد ﵁ أنه لما رأى في المنام صفة الأذان وذكره للنبي ﷺ قال له ﷺ إذهب فألقه على بلال فإنه أندى صوتًا منك.
وهذا هو وجه الشاهد.
فهذان دليلان: - الأول: يدل على أن يكون صيتًا.
- والثاني يدل على أنه يكون حسن الصوت.
وبالنسبة لوقتنا هذا فإنه ينبغي الاعتناء بحسن الصوت أكثر من الاعتناء لكونه صيتا لكون مكبر الصوت صار يغني عن ارتفاع صوت المؤذن وإذا خفت الحاجة لارتفاع صوت المؤذن صارت الحاجة إلى حسن الصوت أولى بالعناية والطلب بالنسبة لوقتنا هذا أما في القديم لما كان صوت المؤذن هو الذي يحدد مدى وصوله للناس فكان ارتفاع الصوت مثل أو أهم من حسن الصوت لأن المقصود من الأذان الإعلام.
ولعله لهذ السبب اكتفى الماتن ﵀ بأن يكون صيتًا ولم يتطرق لحسن الصوت.
• ثم قال ﵀:
أمينًا.
يستحب أن يكون المؤذن أمينًا.
ومعنى أن يكون أمينًا: أن يكون عدلًا ثقة.
والدليل على استحباب هذه الصفة من وجهين:
- الأول: أنه مؤتمن على صلوات الناس وسحورهم وإفطارهم.
- الثاني: أنه مؤتمن على عورات الناس إذا صعد المنارة فإنه يؤتمن على عورات الناس فنحتاج إلى مؤذن أمين حتى لا يتعدى على عورات الساء والناس بالنظر إليهم من مكان مرتفع.
1 / 228