Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
Géneros
معنى الرب ﷾
قال ﵀ بعد أن بين الأصول الثلاثة وبدأ بها واحدًا واحدًا: [فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ]، ودليل هذا الآيات الكثيرة في كتاب الله ﷿ التي تثبت ربوبية الله ﷾ لجميع الخلق، فهو الرب ﷾.
ومعنى قوله: (رباني وربى جميع العالمين بنعمه) أي: أصلحني وأمدني وهيأ لي، فالرب يطلق في لسان العرب على المالك، وعلى السيد، وعلى من يقوم بالأمر، وعلى المصلح، كل هذه المعاني من معاني الرب، فربوبية الله ﷾ لجميع الخلق هي قيامه ﷾ بشئونهم، وتدبيره ﷾ لأمر خلقه، فهو القائم على كل نفسٍ بما كسبت، لا غنى لأحد عن فضله، بل كل مخلوق تام الفقر إلى الله ﷾، فقرًا ذاتيًّا لازمًا، لا يستطيع الانفكاك عنه، ولا الخلاص منه.
وقوله: (جميع العالمين) لبيان أن ربوبيته ﷾ لا تختص بصنفٍ من الخلق، بل جميع الخلق مربوبٌ لله ﷾، علويه وسفليه، كل ذلك مربوبٌ له ﷾، لا يخرج عن رزقه ولا عن ملكه ولا عن تدبيره وتصريفه، ولا عن خلقه ﷾.
قال: (وهو معبودي)، فبعد أن أثبت الربوبية العامة لكل مخلوق ولكل ما سوى الله ﷾ ولجميع العالم، أثبت حق هذه الربوبية، وهو عبادته ﷾، فقال: (وهو معبودي) يعني: وهو الذي أتقرّب إليه بالعبادة، وسيأتي بيان العبادة التي هي حقه ﷾.
قال: (ليس لي معبود سواه)، وهذا تأكيد على ما دلت عليه الجملة السابقة من إفراده ﷾ بالعبادة، فقوله: (وهو معبودي)، يفيد الحصر لأن الجملة المعرّفَةَ الطرفين من أساليب الحصر في لغة العرب، فهو تعالى المعبود المستحق للعبادة، وأكد ذلك بقوله: (ليس لي معبود سواه)، والدليل على ما تقدم من أنه ﷾ هو الرب الذي ربى جميع العالمين وهو المعبود الذي لا يستحق العبادة سواه؛ قول الله ﷾: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] .
فقوله: «لِلَّهِ» فيه الإثبات بأنه المعبود وحده لا شريك له، ففيه إثبات الإلهية له دون غيره، وقوله: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) فيه إثبات ربوبيته ﷾، وإضافة الربوبية للعالمين هنا هي الربوبية العامة التي يندرج تحتها كل أحد.
2 / 3