شرح تطهير الاعتقاد للصنعاني - الراجحي
شرح تطهير الاعتقاد للصنعاني - الراجحي
Géneros
حديث الأعمى وكلام العلماء فيه
وقوله: [والتوسل إلى الرب تعالى -إلا ما ورد من حديث فيه مقال في حق نبينا ﷺ فإنه قد أشرك مع الله غيره].
الحديث الذي فيه مقال هو حديث الأعمى، وقد جاء من طرق متعددة، وخلاصته: أن رجلًا أعمى جاء إلى النبي ﷺ فقال: (يا رسول الله! ادع الله أن يرد إلي بصري.
فقال: إن شئت صبرت، وإن شئت دعوت الله.
فقال: بل ادع.
قال: قم فتوضأ، وقل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك، نبي الرحمة أن تقضى حاجتي)، فذهب الأعمى وتوضأ ودعا الله بأن يشفع فيه نبيه، ودعا له النبي ﷺ، فرد الله إليه بصره.
فالصواب في الحديث: أنه حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، كما بين ذلك المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، فالحديث ثابت، وفيه أن الأعمى توسل إلى الله بدعاء النبي ﷺ في أن يقبل الله شفاعة النبي ﷺ، فالرسول ﵊ حي حاضر دعا لهذا الرجل، فرد الله عليه بصره، وهذا ليس فيه شيء، والممنوع إنما هو: أن يتوسل بالميت، بأن يدعوه من دون الله، أو يتوسل بذاته، أو يجعل ذاته وسيلة، فهذا شرك، أما إذا كان حيًا حاضرًا يدعو، وأنت تؤمن فهذا لا شيء فيه، وهذا من التوسل المشروع، وهذا هو الذي فعله الرجل الأعمى مع النبي ﷺ، فإنه طلب من النبي ﷺ أن يشفع له بأن يدعو الله أن يرد إليه بصره، فدعا النبي ﷺ الله، وسأل الأعمى الله تعالى أن يقبل فيه شفاعة نبيه، فشفعه الله فيه، فرد الله إليه بصره.
فقول المؤلف: (إلا ما ورد في حديث فيه مقال) هو حديث الأعمى، وحديث الأعمى الصواب فيه: أنه صحيح، وليس فيه مقال ولا توسل ممنوع، وإنما الأعرابي توسل بدعاء النبي ﷺ وهو حي حاضر.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (واعتقد ما لا يحل اعتقاده كما اعتقده المشركون في الأوثان) أي: هم يعتقدون أنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم.
وقوله: (فضلًا عمن ينذر بماله وولده لميت أو حي).
أي: من نذر لميت أو حي، أو يطلب من ذلك الميت ما لا يطلب إلا من الله من الحاجات، فيطلب من الميت أن يقضي حاجته، أو يشفي مريضه، أو أن يرد غائبه، فهذا هو الشرك، ولهذا قال المؤلف: (من عافية مريضه، أو قدوم غائبه) فيدعوهم يا فلان! اشف مريضي، واردد غائبي، وأنا في حسبك وفي جوارك، فهذا شرك.
وقوله: [فإن هذا هو الشرك بعينه الذي كان ويكون عليه عباد الأصنام، والنذر بالمال على الميت ونحوه، والنحر على القبر، والتوسل به، وطلب الحاجات منه، هو بعينه الذي كان تفعله الجاهلية].
أي: أن الذي ينذر بالمال للميت حتى يشفع له، أو ينحر على قبره أو عند قبره، أو يتوسل به، بأن يعبده من دون الله، أو يدعوه من دون الله، يقول المؤلف: [هو بعينه الذي كانت تفعله الجاهلية، وإنما كانوا يفعلونه لما يسمونه وثنًا وصنمًا].
فالجاهليون كانوا يتقربون بالذبح والنذر للأصنام والأوثان.
3 / 6