Explicación del Amanecer del Sol sobre Alfiya
شرح طلعة الشمس على الألفية
Géneros
الوجه الثاني: إن عليا ترك خبر الأشجعي في قصة بروع بنت واشق لأجل القياس، وكذلك ترك ابن عباس خبر أبي هريرة في الوضوء مما مسته النار لأجل القياس، ورد بأن كل ذلك إنما كان لضعف في الراوي لا لأجل تقديم القياس على الخبر، احتج أبو الحسين وابن الحاجب على ترجيح القياس حيث رجحاه بأن ذلك يرجع إلى تعارض خبرين فعمل بالراجح، وأما الوقف عند ابن الحاجب فلتعارض الترجيحين، ورد بأنه لو اتحد متعلق الخبرين لزم ما قالاه وأما مع تغاير متعلقهما فلا وجه لإبطال النص إذا لم يصادف نص الأصل في محله بل في غيره في العمل بالخبر وفاء بامتثال الخبرين جميعا أعني خبر أصل القياس والخبر المعارض للفرع والله أعلم، ثم إنه أخذ في بيان فساد شروط شرطها بعض الأصوليين في قبول خبر الآحاد فقال:
وليس غير ما تعم البلوى ... شرط القبول لحديث يروى
ولا الذي تعددت روايته ... أو ليس في الحد أتت دلالته
أشار في هذين البيتين إلى رد شروط شرطها بعض الأصوليين في قبول خبر الآحاد وهي ثلاثة شروط:
أحدها: أن بعضهم اشترط في قبول خبر الواحد أن يكون في غير ما تعم به البلوى لأن ما تعم به البلوى لتوفر الدواعي إلى نقله فيستلزم كثرة الناقلين فيشتهر بين الصحابة فلا يختص بنقله واحد دون الآخرين سواء كان ذلك المنقول في أصول الدين أم في فروعه، ونحن نقول إن ذلك مسلم في أصول الدين لأنا لا نقبل فيها خبر الواحد كما مر ذكره، وأما في فروعه الظنية فلا نسلم، اشترط ذلك والمشترط لذلك أبو الحسن الكرخي وعيسى بن أبان وأبو عبد الله البصري والحجة لنا في عدم اشتراطه وجهان، الأول: إنه لم يفصل دليل وجوب العمل بخبر الواحد في العمليات بين ما تعم به البلوى وبين ما تخص، على أن الأغلب في الأحكام الشرعية عموم التكليف بها، وقد أجمعت الصحابة على قبول الخبر الآحادي في العمليات من غير تفصيل، الوجه الثاني: إنه يجب بيان ما علينا فيه تكليف سواء عمت به البلوى أم لم تعم، فلا وجه للفرق بينهما في وجوب البيان على وجه الظهور فيلزمهم وجوب اشتهار ما لن تعم به البلوى أيضا، واحتج المشترطون لذلك بوجوه أحدها:
إن العبادة إذا كانت عامة فعموم فرضها يقتضي ظهور نقلها من حيث تدعو الدواعي إلى ذلك كما جرت العادة بنقل الحوادث العظيمة التي يشترك الناس في مشاهدتها على وجه يشيع ويظهر لقوة الدواعي إلى ذلك.
Página 22