262

Explicación del Amanecer del Sol sobre Alfiya

شرح طلعة الشمس على الألفية

Géneros

اعلم أن للنسخ شروطا بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه، فأما الشروط المتفق عليها، فمنها كون الناسخ والمنسوخ حكمين شرعيين، فإن العجز والموت كل منهما يزيل التعبد الشرعي مع أنه لا يسمى ذلك نسخا، وكذلك إزالة الحكم العقلي بالحكم الشرعي لا يسمى نسخا أيضا، ومنها كون الناسخ منفصلا ومتأخرا عن المنسوخ، فإن الاستثناء والغاية لا يسميان نسخا أيضا، وهذه الشروط كلها معلومة من تعريف النسخ ومحله، وأما الشروط المختلف فيها، فمنها كون الناسخ والمنسوخ من جنس واحد من الكتاب والسنة، ومنها اشتراط البدل للمنسوخ، ومنها اشتراط كون الناسخ أخف من المنسوخ أو مثله، فإنها شروط عند قوم دون آخرين، ومن الشروط المختلف فيها أيضا ما أشار إليه المصنف بقوله: "وصح نسخ الحكم قبل الفعل" إلخ؛ لأن المعنى أن نسخ الحكم قبل وقت الفعل أو قبل إيقاعه جائز؛ لأن الشرط في جواز نسخه إنما هو إمكانه في العقل، أي إمكان اعتقاده بالعقل لا إمكان وجوده بالفعل، والحكمة في ذلك اختبار المكلف، هل يتهيأ للامتثال ويصمم عزمه عليه؛ فيثاب على ذلك التهيء والعزم أو لا يتهيأ لذلك بل يعزم على خلافه، ويصمم على عناده، فيحكم عليه بالظلال، ويعاقب على ذلك، وهذا المعنى الذي ذكرته يتصور بوجهين:

- أحدهما: أن يرد الناسخ بعد دخول وقت الواجب قبل انقضاء زمن يسع الواجب، كما إذا قيل: صم غدا، ثم شرع في الصوم، فقبل انقضاء اليوم الذي شرع في صومه، قيل: لا تصم، وإلى هذا الاشتراط ذهب أكثر الفقهاء من قومنا وعامة أهل الحديث، وأكثر المتأخرين والبزدوي، وذهب أبو منصور الماتوريدي وأبو زيد والخصاف وبعض أصحاب الشافعي والمعتزلة إلى أن الشرط في صحة النسخ هو التمكن من عقد القلب والفعل معا، بحيث يمضي بعد نزول الحكم زمان يسع الفعل المشروع، ومنعوا صحة نسخه قبل ذلك قيل: وهذا الخلاف مبني على أن الأصل عند الفرقة الأولى عمل القلب والنسخ بيان انتهاء مدته؛ لأنه يكون كافيا في المقصود بالتشريع كما في المتشابه، فإن المقصود بإنزاله مجرد عقد القلب بحقيقته، ولأنه اقوى من عمل الجوارح لتوقفه عليه قربة، ولأنه لا يحتمل السقوط بوجه، بخلاف عمل الجوارح ألا ترى أن التصديق لا يحتمل السقوط بوجه، والإقرار باللسان قد يسقط؛ فكان عمل القلب أصلا.

- وأن الأصل عند الفرقة الثانية: عمل البدن؛ لأنه المقصود بكل أمر ونهي نصا، وكل ما هو مقصود بهما فهو المتصف بالحسن والقبح، والنسخ لبيان انتهاء مدته، فلو نسخ قبل التمكن من الفعل يكون بداء وجهلا، وجمعا بين الحسن والقبحفي حالة واحدة في شيء واحد، وهو الفعل الذي ورد الأمر به، ثم نسخ بالنهي عنه قبل التمكن منه.

Página 285