Explicación del Amanecer del Sol sobre Alfiya
شرح طلعة الشمس على الألفية
Géneros
اعلم أن الأخبار إما عن الأحكام الشرعية الفرعية، ك { حرمت عليكم الميتة } (المائدة: 3)، أو الأحكام العقلية: كالعالم حادث، أو عن الأحكام الحسية: كالنار حارة والماء بارد، فالإخبار عن الأول مما يقبل النسخ، كالإخبار عن حل الشيء أو حرمته؛ لأنهما في معنى الأمر والنهي، مثل: هذا حلال، ثم أخبر عن حرمته، وذاك حرام، ثم أخبر عن حله، واختلفوا في صحة نسخ الأخبار عن الأحكام الغير الشرعية الفرعية، قال بعض المعتزلة والأشعرية: يجوز النسخ في الخبر مطلقا إذا كان مدلوله متكررا، وكان الأخبار عنه عاما كما لو قال: عمرت زيدا ألف سنة، ثم بين أنه أراد تسعمائة، بخلاف ما إذا لم يكن متكررا، نحو قوله: أهلك الله زيدا، ثم قال: ما أهلكه؛ لأن ذلك يقع دفعة واحدة، فلو أخبر عن إعدامه وإيجاده جميعا كان تناقضا، وفصل بعضهم بين الماضي والمستقبل؛ فمنعه في الماضي، وجوزه في المستقبل؛ لأن الوجود المتحقق لا يمكن رفعه بخلاف المستقبل؛ لأنه منع من الثبوت، وذهب قوم منهم صاحب المنهاج إلى أنه يصح دخول النسخ في الأخبار إذا جاز التغير في مضمونها، نحو أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فلانا كافر؛ فيجوز لنا أن نخبر بذلك، ثم يسلم، فيخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه مسلم، فيجوز لنا الإخبار بذلك، ويحرم الإخبار بأنه كافر، قالوا: فقد نسخ الخبر بجواز التغير في مدلوله، قالوا: ولا يصح فيما لا يتغير كالإخبار بأنه عمر نوح ألف سنة، ثم يخبر بأنه عمره خمسمائة، وذهب الجمهور إلى عدم جوازه مطلقا، قال الأزميري: "وهو الصحيح؛ لأن النسخ توقيت، وهو لا يستقيم في الخبر؛ لأنه لا يقال: اعتقدوا الصدق في هذا الخبر إلى وقت كذا، ثم اعتقدوا خلافه بعد ذلك، فإنه بدء وجهل، وذلك على الله محال، قال البدر الشماخي: "وظاهر ميل المصنف - يعني أبا يعقوب - إلى جواز نسخ الأخبار عن الثواب والعقاب تبعا لنسخ الأمر
والنهي، كما إذا أخبر أن الثواب لمن صلى إلى بيت المقدس أولا، ثم أخبر أن العقاب لمن صلى إليها بعد نسخ استقبالها"، قال: "وفيه: نظر؛ لأن الثواب لم ينسخ لأنه كان متعلقا بثبوت الصلاة إلى بيت المقدس، والأخبار بالعقاب بعد زوال الوجوب الأول، والخبران لا يتعارضان إلا إذا اتحدا وقتهما"، أقول: وبمثل هذا الجواب ينبغي أن يقال على تمثيل المجوزين لنسخ الخبر إذا صح تغير مدلوله، كالأخبار عن الكافر بالكفر، ثم الإخبار عنه بعد إسلامه بالإسلام؛ لأن الخبر عن كل واحد من حاليه إنما هو باعتبار قيد الحالة التي هو عليها لا خبر مطلقا، فقوله: فلان كافر، أي: ما دام على هذه الحالة، فلا يكون نسخا للخبر بهذا الاعتبار، والله أعلم.
واعلم أنه يصحذ النسخ في إيقاع الخبر بأن يكلف الشارع أحدا بأن يأمره بأمر، ثم ينهاه، قال البدر: "وهو راجع إلى الأمر والنهي "، قال صاحب المنهاج: "وذلك نحو أن نؤمر بأن نصف الله تعالى بأنه سميع بصير، ثم ننهى عن ذلك أو عكس ذلك؛ فإنه يجوز تغير حكم النطق باللفظ، وإن كان المدلول لا يتغير فقد يكون إطلاق اللفظ مفسدة، وإن كان صدقا، وقد يكون مصلحة؛ فيجوز النهي عنه بعد الأمر، والأمر به بعد النهي بحسب المصلحة"، قال: "وهذا إشكال فيه"، أقول: نعم إشكال فيه إذا اعتبرنا المصالح تفضلا منه تعالى، وإذا لم نعتبرهما أيضا إذ لا محال فيه، وحكم الله كثيرة، ولا يلزم انحصارها في حصول المصلحة، ودفع المفسدة، ولا يجب الاطلاع على جميعها بل يستحيل ذلك، والله أعلم.
Página 275