Sharh Sunan Abi Dawood - Al-Rajhi
شرح سنن أبي داود - الراجحي
Géneros
شرح حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الوضوء بالنبيذ.
حدثنا هناد وسليمان بن داود العتكي قالا: حدثنا شريك عن أبي فزارة عن أبي زيد عن عبد الله بن مسعود ﵁: أن النبي ﷺ قال له ليلة الجن: (ما في إداوتك؟ قال: نبيذ.
قال: تمرة طيبة وماء طهور)].
وفي رواية الترمذي: (فتوضأ منه)، وفي رواية أحمد: (فتوضأ منه وصلى به).
والنبيذ يطلق على عصير العنب وغيره؛ كأن يجعل في الماء زبيبًا فيكون نبيذًا، أو يجعل فيه تمرًا فيكون نبيذًا، أو يجعل فيه شعيرًا ونحو ذلك، وهذا الحديث فيه: أن النبي ﷺ قال لـ ابن مسعود: (تمرة طيبة وماء طهور)، وفي رواية الترمذي: (فتوضأ منه)، وفي رواية أحمد: (فتوضأ منه وصلى به).
لكن هذا الحديث ضعيف فيه علل متعددة، منها: أن شريكًا سيئ الحفظ، ساء حفظه لما تولى القضاء.
ومنها: الاختلاف في أبي فزارة؛ اختلف في اسمه.
ومنها: جهالة أبي زيد.
والعلة الرابعة: أن ابن مسعود لم يحضر ليلة الجن، فلا يحتج به بما دل عليه من الوضوء بالنبيذ؛ لأن النبيذ ليس ماءً مطلقًا، فلا يقال له: ماء، والله تعالى قال: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [النساء:٤٣] فهو ماء مقيد وليس ماءً مطلقًا، فماء النبيذ وماء الزعفران وماء المرق لا يقال له: ماء، ولو قال إنسان لإنسان: ائتني بماء ثم جاءه بزعفران أو جاءه بمرق أو جاءه بنبيذ لم يكن منفذًا لطلبه، وعلى ذلك فلا يصح الوضوء بالنبيذ؛ لأنه ليس ماءً مطلقًا لهذه العلل فالحديث غير صحيح، وإنما يتوضأ بالماء المطلق، أما الماء الذي يعصر من الأشجار فلا يسمى ماءً، بل هو ماء مقيد: عصير برتقال أو يجعل في الماء تمر فيسمى نبيذًا، أو أن يجعل فيه زبيب فيكون نبيذًا، أو يجعل فيه زعفران أو حبر فلا يسمى ماءً، فالمرق أو عصير البرتقال أو عصير التفاح لا يتوضأ به؛ لأن هذا ليس ماء مطلق، وإنما هو ماء مقيد.
وهذا الحديث ليس بصحيح.
قال في تخريجه: أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد.
وقال في الزوائد: مدار الحديث على أبي زيد وهو مجهول عند أهل الحديث، كما ذكره الترمذي وغيره، وضعف إسناده أحمد شاكر والألباني رحمهما الله تعالى.
فالحديث ليس بصحيح لعدة علل: جهالة أبي زيد، وضعف شريك، وكذلك الاختلاف في أبي فزارة، وكذلك في كون ابن مسعود لم يحضر ليلة الجن، كما سيأتي في الرواية بعد هذه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال سليمان بن داود: عن أبي زيد أو زيد، كذا قال شريك، ولم يذكر هناد ليلة الجن.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن داود عن عامر عن علقمة قال: قلت لـ عبد الله بن مسعود ﵁: من كان منكم مع رسول الله ﷺ ليلة الجن؟ فقال: ما كان معه منا أحد].
وهذا يدل على أن قوله في الحديث السابق: إن ابن مسعود كان مع النبي ﷺ ليلة الجن ليس بصحيح؛ لأنه ﵊ ما كان معه أحد، وإنما ابن مسعود وغيره لما سار الجن ذهب بهم النبي ﷺ وأراهم آثارهم وآثار نيرانهم.
6 / 13