130

Sharh Sunan Abi Dawood - Al-Rajhi

شرح سنن أبي داود - الراجحي

Géneros

بيان حكم مسح المأقين والأذنين من رواية شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد ح وحدثنا مسدد وقتيبة عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة ﵁ ذكر وضوء النبي ﷺ: (كان رسول الله ﷺ يمسح المأقين قال: وقال: الأذنان من الرأس). قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة قال قتيبة: قال حماد: لا أدري هو من قول النبي ﷺ أو من أبي أمامة ﵁ يعني: قصة الأذنين -. قال قتيبة عن سنان أبي ربيعة. قال أبو داود: وابن ربيعة كنيته أبو ربيعة]. لا شك أن الأذنين من الرأس، وسواء كان هذا كلام النبي ﷺ أو من كلام أبي أمامة. والمأقين: ما تحت العينين. وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده. أما شهر بن حوشب فهذا تكلم فيه وله أوهام، منهم من ضعفه، ومنهم من وثقه، وإذا خالف الثقات فلا عبرة حينئذٍ. وقال صاحب عون المعبود: المأقين تثنية مأق بالفتح وسكون الهمزة، أي: يدلكهما، في القاموس: موق العين: مجرى الدمع منها أو مقدمها أو مؤخرها. قوله: (يمسح المأقين) إن كان مقصوده يمسح تبعًا للرأس فلا يكون إشكال، وإن كان المقصود أن الدلك يكون للوجه والمسح يكون للمأقين، فتخصيص المأقين بالمسح ليس له وجه. وأما قوله: (الأذنان من الرأس)، فهذا حق، وسواء كان هذا من قول النبي ﷺ أو قول أبي أمامة فالأذنان من الرأس تابعان له؛ فلا يؤخذ لهما ماء جديد على الصحيح، بل يمسحان بما بقي في اليد. قال الخطابي: وقوله: الأذنان من الرأس، فيه بيان أنهما ليستا من الوجه كما ذهب إليه الزهري، وأنه ليس باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرأس، كما ذهب إليه الشعبي، وممن ذهب إلى أنهما من الرأس المسيب وعطاء والحسن وابن سيرين وسعيد بن جبير والنخعي وهو قول الثوري وأصحاب الرأي، ومالك وأحمد بن حنبل وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما، ليستا من الوجه ولا من الرأس، وتأول أصحابه الحديث على وجهين: أحدهما: أنهما يمسحان مع الرأس تبعًا له. والآخر: أنهما يمسحان كما يمسح الرأس، ولا يغسلان كالوجه، وإضافتهما إلى الرأس إضافة تشبيه وتقريب لا إضافة تحقيق، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم، أي: في حكم النصرة والموالاة دون حكم النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى رجل لبني هاشم لم يعط مواليهم، ومولى اليهودي لا يؤخذ بالجزية، وفائدة الكلام ومعناه عندهم: إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل، وقطع الشبهة فيهما، لما بينهما من الشبه في الصورة، وذلك أنهما وجدتا في أصل الخلقة بلا شعر، وجعلتا محلًا لحاسة من الحواس، ومعظم الحواس محل الوجه، فقيل: (الأذنان من الرأس) ليعلم أنهما ليستا من الوجه. والصواب: أنهما من الرأس. والقول بأنهما مستقلتان، أو أن ظاهرهما أي: ما ظهر من الوجه، وما كان من جهة الرأس من الرأس قول ضعيف، والدليل على هذا: أن النبي ﷺ مسحهما بعد مسح الرأس؛ مما يدل على أنهما من الرأس باطنهما وظاهرهما. وقال الحافظ: حديث (الأذنان من الرأس) رواه ثمانية أنفس من الصحابة. فالحديث إذا كان ثابتًا عن النبي ﷺ فلا إشكال فيه، لكن شهر بن حوشب الذي روى هذا الحديث فيه كلام، وإذا خالف الثقات فلا حجة فيما رواه.

8 / 19