46

Explicación de las Grandes Guerras

شرح السير الكبير

Editorial

الشركة الشرقية للإعلانات

Año de publicación

1390 AH

فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّكُمْ تَنْطَلِقُونَ إلَى أَرْضِ الشَّامِ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِعَةٌ (بِالسِّينِ) .
وَفَسَّرُوهُ بِكَثْرَةِ السِّبَاعِ الْمُؤْذِيَةِ فِيهَا، وَهُوَ تَصْحِيفُ شُبْعَةٍ أَيْ كَثِيرَةُ النِّعَمِ بِهَا يَشْبَعُ الْمَرْءُ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَرَى مِنْ النِّعَمِ، فَكَأَنَّهُ رَغَّبَهُمْ فِي التَّوَجُّهِ إلَيْهَا فَقَالَ إنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ مِنْ الْجُوعِ وَاللَّأْوَاءِ بِالْمَدِينَةِ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُخَصَّبَةِ. قَالَ: وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ، وَمُمَكِّنٌ لَكُمْ حَتَّى تَتَّخِذُوا فِيهَا مَسَاجِدَ فَلَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّكُمْ إنَّمَا تَأْتُونَهَا تَلَهِّيًا.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ سَمَاعًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَعْرُوفٍ عَنْ النَّبِيِّ ﵇ قَالَ: «إنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَى كُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ» . وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ التَّخْرِيبِ وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ لِعِلْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَصِيرُ لِلْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْ يَأْتُوهَا تَلَهِّيًا لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا لِلْجِهَادِ، وَالْجِهَادُ مِنْ الدِّينِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَذَرْ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾ [الأنعام: ٧٠] .
قَالَ: وَإِيَّاكُمْ وَالْأَشَرَّ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ لِتَأْشَرُنَّ. وَالْأَشَرُّ: نَوْعُ طُغْيَانٍ يَظْهَرُ لِمَنْ اسْتَغْنَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ [العلق: ٦] ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٧] . فَلِهَذَا أَقْسَمَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَنَّهُمْ يُبْتَلَوْنَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُصِيبُونَ مِنْ الْأَمْوَالِ مَعَ نَهْيِهِ إيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ الْحَدِيثُ إلَى آخِرِهِ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ، إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ إذَا أَنَا انْصَرَفْت مِنْ مُقَامِي هَذَا فَارْكَبُوا ظُهُورَكُمْ، ثُمَّ صُفُّوا إلَيَّ صَفًّا وَاحِدًا حَتَّى آتِيكُمْ. وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ إذَا عَرَضَ الْجَيْشَ.

1 / 46