188

Explicación de las Grandes Guerras

شرح السير الكبير

Editorial

الشركة الشرقية للإعلانات

Año de publicación

1390 AH

وَالْحَاصِلُ أَنْ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ وَبِالْقِتَالِ نَزَلَ مُرَتَّبًا. فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ مَأْمُورًا فِي الِابْتِدَاءِ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: ٨٥] .
ثُمَّ أَمَرَ بِالْمُجَادَلَةِ بِالْأَحْسَنِ كَمَا قَالَ: ﴿اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: ١٢٥]، وَقَالَ: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: ٤٦] ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ بِقَوْلِهِ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ [الحج: ٣٩] ثُمَّ أُمِرُوا بِالْقِتَالِ إنْ كَانَتْ الْبِدَايَةُ مِنْهُمْ بِمَا تَلَا مِنْ آيَاتٍ.
ثُمَّ أُمِرُوا بِالْقِتَالِ بِشَرْطِ انْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمِ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] (٥٢ ب) ثُمَّ أُمِرُوا بِالْقِتَالِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٤] .
فَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا. وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ يَقْتَضِي اللُّزُومَ، إلَّا أَنَّ فَرِيضَةَ الْقِتَالِ لِمَقْصُودِ إعْزَازِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِالْبَعْضِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، بِمَنْزِلَةِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ. إذْ لَوْ اُفْتُرِضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِعَيْنِهِ،

1 / 188