فأما النمو فإنما يقع بزيادة الباريء في الأجسام، وإنما اختص الحيوان والنبات لأنه -سبحانه- أجرى بذلك([37]) وجود الحياة وهي المصححة للشهوة والنفرة، والداعي يشمل الأمرين.
وفي الناس من زعم أن الروح في الإنسان الدم وفي كل حيوان، وجعل الروح غير النفس الناطقة، وهذا يروى عن جالينوس، وعمدته: أن الإنسان يموت بنزف الدم وتفريغه منه.
ومنهم من يزعم أن الروح في قلب الإنسان وهو([38]) حي عالم، وهذا يروى عن النظام([39]).
ومنهم من يزعم أن الروح جسم لطيف مؤلف تأليف الإنسان إلا أنا لا نراه، وهذا القول يروى عن قوم من الإمامية وأصحاب الحديث.
ومنهم من يقول: إنها خلقت قبل هذه الأجساد وعرض عليها التوحيد لقوله تعالى: {ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف:172]، إلى خرافات ينسبونها إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لا طريق إلى تصحيحها، ولا ملجئ إلى الكلام فيها.
فأما هذه الآية في قوله تعالى: {ألست بربكم}[الأعراف:172] فظاهرها يقضي بتقدم الأجساد على الأرواح؛ لأن الظهور لا يكون إلا في الأجساد، فإذا أخرجت منها فهي قبلها، والأصل في تشعب هذه المقالات إهمال العقول، وإطراح الدليل، ومخالفة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في أمر هذه الأمة بالرجوع إلى أهل بيت نبيها، الذين شهد لهم بملازمة الكتاب، إلى يوم الحساب، وأخبر أن فيهم العلم والصواب؛ لأن أهل هذه المقالة لايجدون إلى ما يدعون منها دليلا، ولا يهتدون له سبيلا، ولو كان لهم دليل أو شبه([40]) دليل لتكلمنا عليه، فالحمد لله الذي جعلنا لذلك أهلا، وموضعا ومحلا، وكفى بالمذهب فسادا أن لا يقوم عليه دليل.
Página 43