﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وما أشبه ذلك، وهذا أيضًا مختار الزَّمخشري، ولكن دار في خلدي: لو صحَّ هذا التأويل لأُجْرِي في سائر المواضع. والحال أنَّه ليس كذلك، اللهم إلّا أن يقال: هذا التّوجه يختص بباب قلت؛ لافتقاره إلى الجملة.
وقال أبو البقاء: إنّ الجملة لا تقع فاعلًا ولا مفعولًا، ولو كانت في باب قلت، والمفعول القائم مقام الفاعل هو القول، والمضمر لأنّ الجملة بعده. تفسيره.
فيكون التقدير قيل قوله، ومن هنا قال ثعلب: فعلى هذا: الواو زائدة لتأكيد اللّصُوق، بين المبتدأ والخبر على رأي أبي البقاء وبين القول ومقوله على رأي الغير، في قوله تعالى: ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾، لأن الجملة المخبر بها، صفةٌ جرت على غير من هي له فالضمير عائد إلى الجملة لها محل أي للجملة المخبر بها محلٌّ من الإعراب، وجواب القسم لا محل له من الإعراب، ولو جعل (ليقومنّ) خبرًا في الحقيقة للزم اجتماع الأمرين المتضادين، في جملة واحدة.
ورُدَّ بقوله تعالى -أي ردّ بعض النّحاة قول ثعلب بقوله تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ هذا على تقدير أن يكون (الذين) مع صلته في موضع الرفع بالابتدائية، ولنبوّئنهم خبره.
والجواب عمّا قاله، الضمير البارز راجع إلى (ما)، والمستتر إلى رادِّ قولِ الثعلب: إنّ التقدير والذين آمنوا وعملوا الصّالحات أقسم بالله لنبوّئنهم.
هذا جواب تسليمي إذ يجوز الإعراب في الآية الكريمة بغير هذا الوجه، وهو أن يكون (الذين) منصوبًا بفعل محذوف يفسّره (لنبوّئنهم) كذا ذكر أبو البقاء.
1 / 54