أحدهما: هو جواب لشرط محذوف دلّ عليه الكلام تقديره: وإن تؤمنوا يغفرْ لكم، و(تؤمنون) في معنى آمنوا، فعلى هذا تكون جملة (تؤمنون) مستأنفة، هذا أقرب إلى الحق حيث قال العلَّامة في الكشاف".
عن ابن عبَّاس -رضي الله تعالى عنه- إنّهم قالوا: لو نعلم أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى لعملناها، فنزلت هذه الآية، فمكثوا ما شاء الله يقولون: ليتنا نعلم ما هي، فدلّهم الله تعالى عليها بقوله -تؤمنون- وهذا دليل على أنّ تؤمنون كلام مستأنف.
وثانيهما: أو لكونه جوابًا لاستفهام دلّ عليه الكلام، تقديره: هل تقبلون أنْ أدلَّكم؟ وقيل: جواب لهل المضمر بحيث المعنى، فتقديره: هل تُؤمنون بالله وتجاهدون؟ لأن الله تعالى قد بَيَّن التجارة بالإيمان والجهاد، فكأنّه قد لفظ بهما في موضع التّجارة.
وقيل: جواب لهل أدلّكم، وهو قول المصنّف، وعلى الأوّل [هو] جواب الاستفهام يعني على تقدير كون ﴿تؤمنون﴾ بيانًا وتفسيرًا، يكون ﴿يَغْفِرْ لكم﴾ بالجزم جواب الاستفهام على القاعدة الممهدة، وهي أنَّ الفعل المضارع يجزم بإن مضمرة إذا وقع جوابًا لأمر أو نهي أو استفهام أو تمنٍّ أو عرض.
تنزيلًا: يجوز نصبه على المفعول المطلق، أو على المدح أو [على] المفعول له حيث جعل جوابًا لمن، قال كيف يصحّ جعله جوابًا لهل أدلّكم مع أنّ دلالته لا توجب المغفرة، فأجاب بقوله (تنزيلًا)، أي يصحّ ذلك إقامةً لسبب السبب، وهو الدّلالة التي هي (سبب الامتثال)، منزله السبب، وهو الامتثال الَّذي سَبَّبَ المغفرة، إذ الدّلالة سبب الامتثال، فكأنها قامت مقام الامتثال، لأنّ الدّلالة على التّجارة المفسرة بالإيمان، سبب الامتثال الَّذي (هو سبب) المغفرة، فلا يبعد أن تكون الدّلالة المفسّرة بالإيمان سببًا للمغفرة، فعلى هذا يكون ردّ القاضي على القائل هذا القول بقوله:
1 / 49