وليس المراد من الكلام هو المسند والمسند إليه فقط، بل مع جميع ما يتعلق بهما من الفضلات والتّوابع، والمراد باتصال الكلامين أن يكون الثاني بيانًا أو تأكيدًا أو بدلًا كذا في "المطوّل".
فعلم من هذا أنّ قول النحاة أن الجملة المعترضة في ستة مواضع ليس حصرًا حقيقيًا، بل على سبيل الغالب نحو ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. . .﴾ الآية، أي إلى آخر الآية، وذلك، أي بيان كون الاعتراض في الآية، لأنّ قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ جواب لا أقسم بمواقع النجوم وما بينهما، أي بين لا أقسم وبين جوابه، اعتراض وهو ﴿إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ لا محل لها من الإعراب، وهذا الاعتراض اعتراضٌ بين القسم وجوابه، وفي أثناء هذا الاعتراض اعتراضٌ آخر وهو ﴿لو تعلمون﴾ فإنّه معترض بين الصفة والموصوف وهما أي الموصوف والصفة ﴿لقسم عظيم﴾ فصل المصنّف هنا لخفائه، وترك في الأوّل لوضوحه، ويجوز الاعتراض، هذا شروع في حكم زائد على ما ذكر بأكثر من جملة واحدة نحو قوله تعالى:
﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ، نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ فإن قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ اعتراض بأكثر من جملة بين كلامين متصلين، فإن قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ بيان لقوله: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ ويؤيّد هذا الكلام ما ذكرنا من [أن] الاعتراض ليس مخصوصًا في ستَّة مواضع لأنّ البيان خارج عنها خلافًا لأبي علي، وهو غير صحيح محجوج بالوقوع، كذا قيل مراد أبي علي أن يقال:
1 / 44