مُقَدّمَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رَافع الدَّرَجَات لمن انخفض لجلاله وفاتح البركات لمن انتصب لشكر فضاله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من مدت عَلَيْهِ الفصاحة رواقها وسدت بِهِ البلاغة نطاقها الْمَبْعُوث بِالْآيَاتِ الباهرة والحجج الْمنزل عَلَيْهِ قُرْآن عَرَبِيّ غير ذِي عوج وعَلى آله الهادين وَأَصْحَابه الَّذين شادوا الدّين وَشرف وكرم وَبعد فَهَذِهِ نكت حررتها على مقدمتي الْمُسَمَّاة ب قطر الندى وبل الصدى رَافِعَة لحجابها كاشفة لنقابها مكملة لشواهدها متممة لفوائدها كَافِيَة لمن اقْتصر عَلَيْهَا وافية ببغية من جنح من طلاب علم الْعَرَبيَّة إِلَيْهَا وَالله الْمَسْئُول أَن ينفع بهَا كَمَا نفع بأصلها وَأَن يذلل لنا طرق الْخيرَات وسبلها إِنَّه جواد كريم رؤوف رَحِيم وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب
1 / 10
تَعْرِيف الْكَلِمَة وأقسامها
ص الْكَلِمَة قَول مُفْرد ش تطلق الْكَلِمَة فِي اللُّغَة على الْجمل المفيدة كَقَوْلِه تَعَالَى كلا إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا إِشَارَة إِلَى قَوْله رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت وَفِي الِاصْطِلَاح على القَوْل الْمُفْرد وَالْمرَاد بالْقَوْل اللَّفْظ الدل على معنى كَرجل وَفرس وَالْمرَاد بِاللَّفْظِ الصَّوْت الْمُشْتَمل على بعض الْحُرُوف سَوَاء دلّ على معنى كزيد أم لم يدل كديز مقلوب زيد وَقد تبين أَن كل قَول لفظ وَلَا ينعكس وَالْمرَاد بالمفرد مَا لَا يدل جزوه على جُزْء مَعْنَاهُ وَذَلِكَ نَحْو زيد فَإِن أجزاءه وَهِي الزَّاي وَالْيَاء وَالدَّال إِذا أفردت لَا تدل على شَيْء مِمَّا يدل هُوَ عَلَيْهِ بِخِلَاف قَوْلك غُلَام زيد فَإِن كلا من جزئيه وهما الْغُلَام وَزيد دَال على جُزْء مَعْنَاهُ فَهَذَا يُسمى مركبا لَا مُفردا فَإِن قلت فَلم لَا اشْترطت فِي الْكَلِمَة الْوَضع كَمَا اشْترط من قَالَ الْكَلِمَة لفظ وضع لِمَعْنى مُفْرد قلت إِنَّمَا احتاجوا إِلَى ذَلِك لأخذهم اللَّفْظ جِنْسا للكلمة وَاللَّفْظ يَنْقَسِم إِلَى مَوْضُوع ومهمل فاحتاجوا إِلَى الِاحْتِرَاز عَن المهمل بِذكر الْوَضع وَلما أخذت القَوْل جِنْسا للكلمة وَهُوَ خَاص بالموضوع أغناني ذَلِك عَن اشْتِرَاط الْوَضع فَإِن قلت فَلم عدلت عَن اللَّفْظ إِلَى القَوْل قلت لِأَن اللَّفْظ جنس بعيد لانطلاقه على المهمل والمستعمل كَمَا ذكرنَا
1 / 11
وَالْقَوْل جنس لاختصاصه بِالْمُسْتَعْملِ وَاسْتِعْمَال لأجناس الْبَعِيدَة فِي الْحُدُود معيب عِنْد أهل النّظر ص وَهِي أسم وَفعل وحرف ش لما ذكرت حد الْكَلِمَة بيّنت أَنَّهَا جنس تَحْتَهُ ثَلَاثَة أَنْوَاع الِاسْم وَالْفِعْل والحرف وَالدَّلِيل على انحصار أَنْوَاعهَا فِي هَذِه الثَّلَاثَة الاستقراء فَإِن عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ تتبعوا كَلَام الْعَرَب فَلم يَجدوا إِلَّا ثَلَاثَة أَنْوَاع وَلَو كَانَ ثمَّ نوع رَابِع لعثروا على شَيْء مِنْهُ
عَلَامَات الِاسْم
ص فَأَما الِاسْم فَيعرف بأل كَالرّجلِ والتنوين كَرجل وَبِالْحَدِيثِ عَنهُ كتاء ضربت ش لما بيّنت مَا انحصرت فِيهِ أَنْوَاع الْكَلِمَة الثَّلَاثَة شرعت فِي بَيَان مَا يتَمَيَّز بِهِ كل وَاحِد مِنْهَا عَن قسيميه لتتم فَائِدَة مَا ذكرته فَذكرت للاسم ثَلَاث عَلَامَات عَلامَة من أَوله وَهِي الْألف وَاللَّام كالفرس والغلام وعلامة من آخِره وَهِي التَّنْوِين وَهُوَ نون زَائِدَة سَاكِنة تلْحق الآخر لفظا لاخطا لغير توكيد نَحْو زيد وَرجل وصه وحينيئذ ومسلمات فَهَذِهِ وَمَا أشبههَا أَسمَاء بِدَلِيل وجود التَّنْوِين فِي آخرهَا وعلامة معنوية وَهِي الحَدِيث عَنهُ ك قَامَ زيد فزيد اسْم لِأَنَّك حدثت عَنهُ بِالْقيامِ وَهَذِه الْعَلامَة أَنْفَع العلامات الْمَذْكُورَة للاسم وَبهَا اسْتدلَّ على اسميه التَّاء فِي ضربت أَلا ترى أَنَّهَا تقبل أل وَلَا يلْحقهَا التَّنْوِين وَلَا غَيرهَا من العلامات الَّتِي تذكر للاسم سوى الحَدِيث عَنْهَا فَقَط
1 / 12
ص وَهُوَ ضَرْبَان مُعرب وَهُوَ مَا يتَغَيَّر آخِره بِسَبَب العوامل الدَّاخِلَة عَلَيْهِ كزيد ومبني وَهُوَ بخالفه كهؤلاء فِي لُزُوم الْكسر وَكَذَلِكَ حذام وأمس فِي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وكأحد عشر وأخواته فِي زلزوم الْفَتْح وكقبل وَبعد وَأَخَوَاتهَا فِي لُزُوم الضَّم إِذا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَنوى مَعْنَاهُ وَكَمن وَكم فِي لُزُوم السّكُون وَهُوَ أصل الْبناء
انقسام الِاسْم إِلَى مُعرب ومبني
ش لما فرغت من تَعْرِيف الِاسْم بِذكر شَيْء من علاماته عقبت ذَلِك بِبَيَان انقسامه إِلَى مُعرب ومبني وقدمت المعرب لِأَنَّهُ الأَصْل وأخرت الْمَبْنِيّ لِأَنَّهُ الْفَرْع وَذكرت أَن المعرب هُوَ مَا يتَغَيَّر آخِره بِسَبَب مَا يدْخل عَلَيْهِ من العوامل كزيد تَقول جَاءَنِي زيد وَرَأَيْت زيدا ومررت بزيد أَلا ترى أَن آخر زيد تغير بالضمة والفتحة والكسرة بِسَبَب مَا دخل عَلَيْهِ من جَاءَنِي وَرَأَيْت وَالْبَاء فَلَو كَانَ التَّغَيُّر فِي غير الآخر لم يكن إعرابا كَقَوْلِك فِي فلس إِذا صغرته فَلَيْسَ وَإِذا كَسرته أفلس وفلوس وَكَذَا لَو كَانَ التَّغَيُّر فِي الآخر وَلكنه لَيْسَ بِسَبَب العوامل كَقَوْلِك جَلَست حَيْثُ جلس زيد فَإِنَّهُ يجوز أَن تَقول حيثن بِالضَّمِّ وَحَيْثُ بِالْفَتْح وَحَيْثُ بِالْكَسْرِ إِلَّا أَن هَذِه الْأَوْجه الثَّلَاثَة لَيست بِسَبَب العوامل أَلا ترى أَن الْعَامِل وَاحِد وَهُوَ جلس وَقد وجد مَعَه التَّغَيُّر الْمَذْكُور وَلما فرغت من ذكر المعرب ذكرت الْمَبْنِيّ وَأَنه الَّذِي يلْزم طَريقَة وَاحِدَة وَلَا يتَغَيَّر آخِره بِسَبَب مَا يدْخل عَلَيْهِ ثمَّ قسمته إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام مَبْنِيّ على الْكسر ومبني على الْفَتْح ومبني على الضَّم ومبني على السّكُون ثمَّ قسمت الْمَبْنِيّ على الْكسر إِلَى قسمَيْنِ قسم مُتَّفق عَلَيْهِ وَهُوَ هَؤُلَاءِ فَإِن جَمِيع الْعَرَب يكسرون آخِره فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَقسم مُخْتَلف فِيهِ وَهُوَ حذام وقطام وَنَحْوهمَا من الْأَعْلَام المؤنثة الْآتِيَة على وزن فعال وأمس إِذا أردْت بِهِ الْيَوْم الَّذِي قبل يَوْمك
1 / 13
فَأَما بَاب حذام وَنَحْوه فَأهل الْحجاز يبنونه على الْكسر مُطلقًا فَيَقُولُونَ جَاءَتْنِي حذام وَرَأَيْت حذام ومررت بحذام وعَلى ذَلِك قَول الشَّاعِر فلولا المزعجات من اللَّيَالِي لما ترك القطا طيب الْمَنَام إِذا قَالَت حذام فصدقوها فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام فَذكرهَا فِي الْبَيْت مرَّتَيْنِ مَكْسُورَة مَعَ أَنَّهَا فَاعل
1 / 14
وافترقت بَنو تَمِيم فرْقَتَيْن فبعضهم يعرب ذَلِك كُله بِالضَّمِّ رفعا وبالفتح نصبا وجرا فَيَقُول جَاءَتْنِي حذام بِالضَّمِّ وَرَأَيْت حذام ومررت بحذام بِالْفَتْح وَأَكْثَرهم يفصل بَين مَا كَانَ آخِره رَاء كوبار اسْم لقبيلة وحضار اسْم لكوكب وسفار اسْم لما فيبنيه على الْكسر كالحجازيين وَمَا لَيْسَ آخِره رَاء كحذام وقطام فيعربه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف وَأما أمس إِذا أردْت بِهِ الْيَوْم الَّذِي قبل يَوْمك فَأهل الْحجاز يبنونه على الْكسر فَيَقُولُونَ مضى أس واعتكفت أمس وَمَا رَأَيْته مذ أمس بِالْكَسْرِ فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة قَالَ الشَّاعِر منع البقآء تقلب الشَّمْس وطلوعها من حَيْثُ لَا تمسي
1 / 15
وطلوعها حَمْرَاء صافيتم وغربها صفراء كالورس الْيَوْم أعلم مَا يَجِيء بِهِ وَمضى بفصل قَضَائِهِ
1 / 16
أمس فأمس فِي الْبَيْت فَاعل لمضى وَهُوَ مكسور كَمَا ترى وافترقت بَنو تَمِيم فرْقَتَيْن فَمنهمْ من أعربه بالضمة رفعا وبالفتحة مُطلقًا فَقَالَ مضى أمس بالضمة واعتكفت أمس وَمَا رَأَيْته مُنْذُ أمس بِالْفَتْح قَالَ الشَّاعِر لقد رَأَيْت عجبا مذ أمسا عجائزا مثل السعالي خمْسا يأكلن مَا فِي رحليهن همسا لَا ترك الله لَهُنَّ ضرسا وَلَا لقين الدَّهْر إِلَّا تعسا
1 / 17
من أعربه بالضمة رفعا وبناه على الْكسر نصبا وجرا وَزعم الزجاجي أَن من الْعَرَب من يَبْنِي أمس على الْفَتْح وَأنْشد عَلَيْهِ قَوْله مذأمسا وَهُوَ وهم وَالصَّوَاب مَا قدمنَا من أَنه مُعرب غير منصرف وَزعم بَعضهم أَن أمسا فِي الْبَيْت فعل مَاض وفاعله مستتر وَالتَّقْدِير مذ أَمْسَى الْمسَاء وَلما فرغت من ذكر المبنى على الْكسر ذكرت الْمَبْنِيّ على الْفَتْح ومثلته بِأحد عشر وأخواته تَقول جَاءَنِي أحد عشر رجلا وأيت أحد عشر رجلا ومررت بِأحد عشر رجلا بِفَتْح الْكَلِمَتَيْنِ فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَكَذَا تَقول فِي أخواته إِلَّا اثنى عشر فَإِن الْكَلِمَة الأولى مِنْهُ تعرب بِالْألف رفعا وبالياء نصبا وجرا تَقول جَاءَنِي اثْنَا عشر رجلا وَرَأَيْت اثنى عشر رجلا ومررت باثنى عشر رجلا وَإِنَّمَا لم أستثن هَذَا من إِطْلَاق قولي وأخواته لأنني سأذكر فِيمَا بعد أَن اثْنَيْنِ واثنتين يعربان إِعْرَاب الْمثنى مُطلقًا وَإِن ركبا وَلما فرغت من ذكر الْمَبْنِيّ على الْفَتْح ذكرت الْمَبْنِيّ على الضَّم ومثلته بقبل وَبعد وأشرت إِلَى أَن لَهما أَربع حالات إِحْدَاهَا أَن يَكُونَا مضافين فيعربان نصنبا على الظَّرْفِيَّة أَو خفضا بِمن تَقول جئْتُك قبل زيد وَبعده فتنصبها على الظَّرْفِيَّة وَمن قبله وَمن بعده فتخفضها بِمن قَالَ الله تَعَالَى كذبت قبلهم قوم نوح فَبِأَي حَدِيث بعد الله وآياته يُؤمنُونَ وَقَالَ الله تَعَالَى ألم يَأْتهمْ نبأ
1 / 19
الَّذين من قبلهم من بعد مَا أهلكنا الْقُرُون الأولى الْحَالة الثَّانِيَة أَن يحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وينوى ثُبُوت لَفظه فيعربان الْإِعْرَاب الْمَذْكُور وَلَا ينونان لنِيَّة الْإِضَافَة وَذَلِكَ كَقَوْلِه وَمن قبل نَادَى كل مولى قرَابَة فَم عطفت مولى عَلَيْهِ العواطف
1 / 20
الرِّوَايَة بخفض قبل بِغَيْر تَنْوِين أى وَمن قبل ذَلِك فَحذف ذَلِك من اللَّفْظ وَقدره ثَابتا وَقَرَأَ الجحدري والعقيلي لله الْأَمر من قبل وَمن بعد فَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وقدربالخفض بِغَيْر تَنْوِين اي من قبل الغلب وَمن بعده وجوده ثَابتا الْحَالة الثَّالِثَة أَن يقطع عَن الاضافة لفظا وَلَا يَنْوِي الْمُضَاف إِلَيْهِ فيعربان أَيْضا الْإِعْرَاب الْمَذْكُور ولكنهما ينونان لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ اسمان تامان كَسَائِر الْأَسْمَاء النكرات فَتَقول جئْتُك قبلا وبعدا وَمن قبل وَمن بعد قَالَ الشَّاعِر فساغ لي الشَّرَاب وَكنت قبلا أكاد أغص بِالْمَاءِ الْفُرَات
1 / 21
وَقَرَأَ بَعضهم لله الْأَمر من قبل وَمن بعد بالخفض والتنين الْحَالة الرَّابِعَة أَن يحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَيَنْوِي مَعْنَاهُ دون لَفظه فيبنيان حِينَئِذٍ على الضَّم كَقِرَاءَة السَّبْعَة لله الْأَمر من قبل وَمن بعد وَقَوْلِي وَأَخَوَاتهَا أردْت بِهِ أَسمَاء الْجِهَات السِّت وَأول وَدون ونحوهن قَالَ الشَّاعِر لعمرك مَا أَدْرِي وإنى لأوجل على أَيّنَا تعدو الْمنية أول
1 / 23
وَقَالَ آخر إِذْ أَنا لم أومن عَلَيْك وَلم يكن لقاؤك إِلَّا من وَرَاء وَرَاء
1 / 25
وَلما فرغت من ذكر الْمَبْنِيّ على الضَّم ذكرت الْمَبْنِيّ على السّكُون ومثلت لَهُ بِمن وَكم تَقول جَاءَنِي من قَامَ وَرَأَيْت من قَامَ ومررت بِمن قَامَ فتجد من مُلَازمَة للسكون فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَكَذَا تَقول كم مَالك وَكم عبدا ملكت وبكم دِرْهَم اشْتريت ف كم فِي الْمِثَال الأول فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وعَلى الخبرية عِنْد الْأَخْفَش وَفِي الثَّانِي فِي مَوضِع نصب على المفعولية بِالْفِعْلِ الَّذِي بعْدهَا وَفِي الثَّالِث فِي مَوضِع خفض بِالْبَاء وَهِي سَاكِنة فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة كَمَا ترى وَلما ذكرت الْمَبْنِيّ على السّكُون مُتَأَخِّرًا خشيت من وهم من يتَوَهَّم أَنه خلاف الأَصْل فَدفعت هَذَا الْوَهم بِقَوْلِي وَهُوَ أصل الْبناء
أَقسَام الْفِعْل وعلاماته
ص وَأما الْفِعْل فَثَلَاثَة أَقسَام مَاض وَيعرف بتاء التَّأْنِيث الساكنة وبناؤه على الْفَتْح كضرب إِلَّا مَعَ وَاو الْجَمَاعَة فيضم كضربوا أَو الضَّمِير الْمَرْفُوع المتحرك فيسكن كضربت وَمِنْه نعم وَبئسَ وَعَسَى وَلَيْسَ فِي الْأَصَح وَأمر وَيعرف بدلالته على الطّلب مَعَ قبُوله يَاء المخاطبة وبناؤه على السّكُون كاضرب إِلَّا المعتل فعلى حذف آخِره كاغز واخش وارم وَنَحْو قوما وَقومُوا وقومي فعلى حذف النُّون وَمِنْه هَلُمَّ فِي لُغَة تَمِيم وهات وتعال فِي الْأَصَح ومضارع وَيعرف بلم وافتتاحه بِحرف من حُرُوف نأيت نَحْو نقوم وأقوم وَيقوم وَتقوم وَيضم أَوله إِن كَانَ ماضيه رباعيا ك يدحرج وَيكرم وَيفتح فِي غره ك يضْرب ويجتمع ويستخرج ويسكن آخِره مَعَ نون النسْوَة نَحْو يَتَرَبَّصْنَ وَإِلَّا أَن يعفون وَيفتح مَعَ نون التوكيد الْمُبَاشرَة لفظا وتقديرا نَحْو لينبذن
1 / 26
ويعرب فِيمَا عدا ذَلِك نَحْو يقوم زيد وَلَا تتبعان لتبلون فإمَّا تَرين وَلَا يصدنك ش لما فرغت من ذكر عَلَامَات الِاسْم وَبَيَان انقسامه إِلَى مُعرب ومبني وَبَيَان انقسام الْمَبْنِيّ مِنْهُ إِلَى مكسور ومفتوح ومضموم وَمَوْقُوف شرعت فِي ذكر الْفِعْل فَذكرت أَنه يَنْقَسِم إِلَّا ثَلَاثَة أَقسَام مَاض ومضارع وَأمر وَذكرت لكل وَاحِد مِنْهَا علامته الدَّالَّة عَلَيْهِ وَحكمه الثَّابِت لَهُ من بِنَاء وإعراب
الْفِعْل الْمَاضِي
وبدأت من ذَلِك بالماضي فَذكرت أَن علامته أَن يقبل تَاء التَّأْنِيث الساكنة كقام وَقعد تَقول قَامَت وَقَعَدت وَأَن حكمه فِي الأَصْل الْبناء على الْفَتْح كَمَا مثلنَا وَقد يخرج عَنهُ إِلَى الضَّم وَذَلِكَ إِذا اتَّصَلت بِهِ وَاو الْجَمَاعَة كَقَوْلِك قَامُوا وقعدوا أَو إِلَى السّكُون وَذَلِكَ إِذا اتَّصل بِهِ الضَّمِير الْمَرْفُوع المتحرك كَقَوْلِك قُمْت وَقَعَدت وقمنا وقعدنا والنسوة قمن وقعدن وتلخص من ذَلِك أَن لَهُ ثَلَاث حالات الضَّم وَالْفَتْح والسكون وَقد بيّنت ذَلِك وَلما كَانَ من الْأَفْعَال الْمَاضِيَة مَا اخْتلف فِي فعليته نصصت عَلَيْهِ ونهبت على أَن الْأَصَح فعليته وَهُوَ أَربع كَلِمَات نعم وَبئسَ وَعَسَى وَلَيْسَ فَأَما نعم وَبئسَ فَذهب الْفراء وَجَمَاعَة من الْكُوفِيّين إِلَى أَنَّهُمَا اسمان وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بِدُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهِمَا فِي قَول بَعضهم وَقد بشر ببنت وَالله مَا هِيَ بنعم الْوَلَد وَقَول آخر وَقد سَار إِلَى محبوبته على حمَار بطيء السّير نعم السّير على بئس العير
1 / 27
وَأما لَيْسَ فَذهب الْفَارِسِي فِي الحلبيات إِلَى أَنَّهَا حرف نفي بِمَنْزِلَة مَا النافية وَتَبعهُ على ذل أَبُو بكر بن شقير وَأما عَسى فَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهَا حرف ترج بِمَنْزِلَة لَعَلَّ وتبعهم على ذَلِك ابْن السراج وَالصَّحِيح أَن الْأَرْبَعَة أَفعَال بِدَلِيل اتِّصَال تَاء التَّأْنِيث الساكنة بِهن كَقَوْلِه ﵊ من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت وَمن اغْتسل فالغسل أفضل وَالْمعْنَى من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبالرخصة أَخذ ونعمت الرُّخْصَة الْوضُوء وَتقول بئست الْمَرْأَة حمالَة الْحَطب وَلَيْسَت هِنْد مفلحة وعست هِنْد أَن تَزُورنَا وَأما مَا اسْتدلَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ فمؤول على حذف الْمَوْصُوف وَصفته وَإِقَامَة مَعْمُول الصّفة مقَامهَا وَالتَّقْدِير مَا هِيَ بِولد مقول فِيهِ نعم الْوَلَد وَنعم السّير على عير مقول فِيهِ بئس العير فحرف الْجَرّ فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا دخل على اسْم مَحْذُوف كَمَا بَينا وكما قَالَ الآخر
1 / 28
وَالله مَا ليلِي بنام صَاحبه وَلَا مخالط الليان جَانِبه
1 / 29
أَي بلَيْل مقول فِيهِ نَام صَاحبه
فعل الْأَمر
وَلما فرغت من ذكر عَلَامَات الْمَاضِي وَحكمه وَبَيَان مَا اخْتلف فِيهِ مِنْهُ ثنيت بالْكلَام على فعل الْأَمر فَذكرت أَن علامته الَّتِي يعرف بهَا مركبة من مَجْمُوع شَيْئَيْنِ وهما دلَالَته على الطّلب وقبوله يَاء المخاطبة وَذَلِكَ نَحْو قُم فَإِنَّهُ دَال على طلب الْقيام وَيقبل يَاء المخاطبة تَقول إِذا أمرت الْمَرْأَة قومِي وَكَذَلِكَ اقعد وأقعدي واذهب واذهبي قَالَ الله تَعَالَى فكلي واشربي وقري عينا فَلَو دلّت الْكَلِمَة على الطّلب وَلم تقبل يَاء المخاطبة نَحْو صه بِمَعْنى اسْكُتْ ومه بِمَعْنى اكفف أَو قبلت يَاء المخاطبة وَلم تدل على الطّلب نَحْو أَنْت يَا هِنْد تقومين وتأكلين لم يكن فعل أَمر
1 / 30
ثمَّ بيّنت أَن حكم فعل الْأَمر فِي الأَصْل الْبناء على السّكُون كاضرب وأذهب وَقد يبْنى على حذف آخِره وَذَلِكَ إِن كَانَ مُعْتَلًّا نَحْو اغز واخش وارم وَقد يبْنى على حذف النُّون وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُسْتَندا لِأَلف اثْنَيْنِ نَحْو قوما أَو وَاو جمع نَحْو قومُوا أَو يَاء مُخَاطبَة نَحْو قومِي فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال لِلْأَمْرِ أَيْضا كَمَا أَن للماضي ثَلَاثَة أَحْوَال وَلما كَانَ بعض كَلِمَات الْأَمر مُخْتَلفا فِيهِ هَل هُوَ فعل أَو اسْم نبهت عَلَيْهِ كَمَا فعلت مثل ذَلِك فِي الْفِعْل الْمَاضِي وَهُوَ ثَلَاثَة هَلُمَّ وهات وتعال فَأَما هَلُمَّ فَاخْتلف فِيهَا الْعَرَب على لغتين إِحْدَاهمَا أَن تلْزم طرْقَة وَاحِدَة وَلَا يخْتَلف لَفظهَا بِحَسب من هِيَ مُسندَة إِلَيْهِ فَتَقول هَلُمَّ يَا زيد وهلم يَا زَيْدَانَ وهلم يَا زيدون وهلم يَا هِنْد وهلم يَا هندان وهلم يَا هندات وَهِي لُغَة أهل الْحجاز وَبهَا جَاءَ التَّنْزِيل قَالَ الله تَعَالَى والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا أَي ائْتُوا إِلَيْنَا وَقَالَ تَعَالَى قل هَلُمَّ شهداؤكم أَي أحضروا شهداؤكم وَهِي عِنْدهم اسْم فعل لَا فعل أَمر لِأَنَّهَا وان كَانَت دَالَّة على الطّلب لَكِنَّهَا لَا تقبل يَاء المخاطبة وَالثَّانيَِة أَن تلحقها بالضمائر البارزة بِحَسب من هِيَ مُسندَة إِلَيْهِ فَتَقول هَلُمَّ وهلما وهلموا وهلممن بالفك وَسُكُون اللَّام وهلمي وَهِي لُغَة بني تَمِيم وَهِي عِنْد هَؤُلَاءِ فعل أَمر لدلالتها على الطّلب وقبولها يَاء المخاطبة وَقد تبين بِمَا استشهدت بِهِ من الْآيَتَيْنِ أَن هَلُمَّ تسْتَعْمل قَاصِرَة ومتعدية وَأما هَات وتعال فعدهما جمَاعَة من النَّحْوِيين فِي أَسمَاء الْأَفْعَال
1 / 31
وَالصَّوَاب أَنَّهُمَا فعلا أَمر بِدَلِيل أَنَّهُمَا دالان على الطّلب وتلحقهما يَاء المخاطبة تَقول هَاتِي وتعالي وَاعْلَم أَن آخر هَات مكسور أبدا إِلَّا اذا كَانَ لجَماعَة المذكرين فَإِنَّهُ يضم فَتَقول هَات يَا زيد وهاتي يَا هِنْد وهاتيا يَا زَيْدَانَ أَو يَا هندان وَهَاتين يَا هندات كل ذَلِك بِكَسْر التَّاء وَتقول هاتوا يَا قوم بضَمهَا قَالَ الله تَعَالَى قل هاتوا برهانكم وَأَن آخر تعال مَفْتُوح فِي جَمِيع أَحْوَاله من غير اسْتثِْنَاء تَقول تعال يَا زيد وتعالي يَا هِنْد وتعاليا يَا زَيْدَانَ وتعالوا يَا زيدون وتعالين يَا هندات كل ذَلِك بِالْفَتْح قَالَ الله تَعَالَى قل تَعَالَوْا أتل وَقَالَ تَعَالَى فتعالين أمتعكن وَمن ثمَّ لحنوا من قَالَ تعالي أقاسمك الهموم تعالي بِكَسْر اللَّام
1 / 32