(أَغَرَّكِ مِنِّي أن حُبَّكِ قَاتِلِي ... وأَنَّكِ مَهْمَا تأْمُري القَلبَ يَفْعَلِ)
قوله (أغرك مني) لفظه لفظ الاستفهام ومعناه معنى التقرير، وهو بمنزلة قول جرير:
ألَستمْ خيرَ مَنْ ركِب المطايا ... وأندَى العالمينَ بطونَ راحِ
فاللفظ لفظ الاستفهام، والمعنى: أنتم خير من ركب المطايا.
ومن صلة أغرك، وأن موضعها رفع بأغرك، كأنك قلت أغرك مني حبيك. وقاتلي موضعه رفع لأنه
خبر أن، وأن الثانية موضعها رفع لأنها منسوقة على أن الأولى، والكاف اسم أن الثانية، وخبرها ما
في تأمري، وتأمري موضعه جزم بمهما، علامة الجزم فيه سقوط النون، والقلب منصوب بتأمرى،
ومهما موضعه نصب بتأمري. قال الفراء: كان الأصل في مهما ما، فحذفت العرب الألف منها
وجعلت الهاء خلفا منها، ثم وصلت بما فدلت على المعنى وصارت كأنها صلة لما، وهي في الأصل
اسم. وكذلك مهمن. قال زهير:
ومهما تكُنْ عند امرئٍ من خليقة ... ولو خالَها تَخفى على الناس تُعلَمِ
فموضع مهما رفع بما في تكن من ذكره، والذي في تكن اسم الكون، وعند خبر الكون. وقال الآخر
في مهمن:
أماوِيَّ مَهْمَنْ يستمع في صديقه ... أقاويلَ هذا الناس ماوِيَّ يندمِ
فموضع مهمن رفع بما في يستمع. وقال بعض النحويين معنى مع كف، كما تقول للرجل إذا فعل
فعلا لا ترضاه منه: مه؛ أي كف. والمعنى: وأنك مهما تأمري قلبك يفعل لأنك مالكة له، وأنا لا أملك
قلبي. وقال قوم: المعنى مهما تأمرى قلبي يفعل لأنه مطيع لك.
1 / 45