أن يكون مستند الخبر الحس، فلو أخبروا عن شيء معقول فإنه لا يحصل العلم به، الفلاسفة عدد لا يمكن حصرهم، وتواطئوا على القول بقدم العالم لكن قولهم لا يحصل به التواتر لماذا؟ لأن مستند قولهم العقل، وليس مستنده الحس، الحس المقصود به: ما يدرك بالحواس، ما يدرك بالحواس، يعني لو اجتمع عدد كبير جاءك عشرين ثلاثين أربعين شخص وقالوا: إن ما في هذه البئر ماء مر ملح، أجاج، يحتاج أن تنزل وتشرب، هؤلاء عدد كبير تحيل العادة تواطئهم على الكذب، يعني ما جاءوك دفعة واحدة وأنت في مكان ثاني وأخبروك أن في الطريق ماء هذه صفتها، هؤلاء مستندهم الحس، ذاقوه، كذا لو سمعوا، كل واحد منهم سمع بأذنه أو رأى بعنيه.
أن يكون خبرهم مستندا إلى الحس إذ لو أخبروا عن معقول لم يحصل لنا العلم فلا بد أن يستند ناقلوه إلى الحواس كالسمع والبصر لا لمجرد إدراك العقل، أن توجد هذه الشروط في جميع طبقات السند؛ لأن كل عصر يستقل بنفسه، وعرفنا أنه لا مانع من تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد هذا في الدرس الماضي، وأنه لا محظور في ذلك، ولا نلتزم بلوازم المبتدعة الذين بنوا على هذا التقسيم أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، والظن لا تثبت به العقائد، إذ تنفى جميع العقائد التي جاءت بأخبار الآحاد، نقول: لا، نقسم الأخبار إلى متواتر وآحاد، ومنها ما يفيد العلم ومنها ما يفيد الظن، وكلها موجبة للعمل إذا صحت أسانيدها، وإذا عملنا بحديث في الأحكام فلنعمل به في العقائد وفي الفضائل وفي غيره؛ لأن الكل شرع، والتفريق بين العقائد والأحكام كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية لا أصله له، على أن هذا التقسيم وهو تقسيم الأخبار إلى متواتر وآحاد اعتمده شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وهو من أشد الناس على المبتدعة، وهذه مسألة عرضناها في الدرس السابق، والله المستعان.
أقسام المتواتر:
Página 18