يعني رجعنا إلى أهمية كتب المتأخرين، هذه الكتب اشتملت على نقول كثيرة، وأمثلة متنوعة، وتحريرات وفوائد وفرائد لا يستغنى عنها إلا من استغنى عن هذا العلم.
بعد أن نسف الكتب ذكر أنه لا يستغنى عنها إلا من استغنى عن هذا العلم، ونقول: النقد لا بأس به، ولا يوجد شخص معصوم غير المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، كل يؤخذ من قوله ويرد، لكن بهذه الطريقة التي تزهد طلاب العلم بهذه الكتب، وعليها المعول في هذا الشأن؟! فلا.
يعني لو تصدى لنشر هذه الكتب ورجح ما يراه راجحا، ورد أو نقض الأقوال المرجوحة من خلال تعليقه على هذه الكتب كان مسلكا سليما؛ لأنه لا يوجد أحد معصوم غير المصطفى -عليه الصلاة والسلام-.
ثم يأتي من يرد عليه هو أيضا، ولا مانع؛ لأن المسألة مفترضة في شخص مجتهد ينشد الحق، وإذا كان مجتهدا وهو أهل لذلك وأصاب الحق فإنه مأجور، أي له أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وهؤلاء نحسبهم -والله حسيبهم- مأجورون ولو بأجر واحد على أقل تقدير.
بهذا الكلام ختم الكلام عن كتب المصطلح وهو كلام جيد يحفظ له، ولا ضير في النقد؛ لأن هؤلاء وإن كانوا أئمة فإنهم غير معصومين يقع منهم كغيرهم الخطأ، والغالب هو الصواب، إلا أن إبرازه واهتمامه بهذه الملحوظات وبهذا الأسلوب، وإظهار الملاحظات بهذه الطريقة كما ذكرنا سابقا قد تزهد الطالب المبتدئ في هذه الكتب التي هي العدة الحقيقية والزاد الوحيد للطالب في بداية الطلب، لكن المؤلف -وفقه الله- مثلما ذكرنا لو اعتنى بهذه الكتب كل واحد منها على حده ونشره نشرا متقنا وهو أهل للإتقان والضبط، وعلق عليها وبين رأيه في مسائلها لكان عين الحكمة والصواب؛ لأن إبراز الأخطاء يزهد في كتب العلم، ولذا لا يرى كبار علمائنا -وفقهم الله- أن تفرد الملاحظات على الكتب التي عم نفعها.
Página 32