Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وقال مرة : لا يبلغني امرأة تجاوز صداقها صداق نساء النبي إلا ارتجعت ذلك منها ، فقالت له امرأة : ما جعل الله لك ذلك ، إنه تعالى قال : ' وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ' ، فقال : كل الناس أفقه من عمر ، حتى ربات الحجال ! ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت ، فاضلت إمامكم ففضلته ! ومر يوما بشاب من فتيان الأنصار وهو ظمآن ، فاستسقاه ، فجدح له ماء بعسل فلم يشربه ، وقال : إن الله تعالى يقول : ' أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ' فقال له الفتى : يا أمير المؤمنين ، إنها ليست لك ولا لأحد من هذه القبيلة ، اقرأ ما قبلها : ' ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ' ، فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر ! وقيل : إن عمر كان يعس بالليل ، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت ، فارتاب فتسور الحائط ، فوجد امراة ورجلا ، وعندهما زق خمر ، فقال : يا عدو الله ، أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته ! قال : يا أمير المؤمنين ، إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث ، قال الله تعالى : ' ولا تجسسوا ' ، وقد تجسست . وقال : ' وأتوا البيوت من أبوابها ' وقد تسورت ، وقال : ' فإذا دخلتم بيوتا فسلموا ' ، وما سلمت ! وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا محرمهما ، ومعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج . وهذا الكلام وإن كان ظاهره منكرا فله عندنا مخرج وتأويل ، وقد ذكره أصحابنا الفقهاء في كتبهم . وكان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة ، يحسبه السامع لها أنه أراد بها ما لم يكن قد أراد ، ويتوهم من تحكى له أنه قصد بها ظاهرا ما لم يقصده ، فمنها الكلمة التي قالها في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعاذ الله أن يقصد بها ظاهرها ! ولكنه أرسلها على مقتضى خشونة غريزته ، ولم يتحفظ منها . وكان الأحسن أن يقول : مغمور أو مغلوب بالمرض ، وحاشاه أن يعني بها غير ذلك ! ولجفاة الأعراب من هذا الفن كثير ، سمع سليمان بن عبد الملك أعرابيا يقول في سنة قحط :
رب العباد ما لنا وما لكا . . . قد كنت تسقينا فما بدا لكا !
أنزل علينا القطر لا أبا لكا
فقال سليمان : أشهد أنه لا أب له ولا صاحبة ولا ولد ، فأخرجه أحسن مخرج .
Página 115