Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
ومعنى قوله : وعصفت به عصفها بالفضاء ، فيه معنى لطيف ؛ يقول : إن الريح إذا عصفت بالفضاء الذي لا أجسام فيه كان عصفها شديدا لعدم المانع ؛ وهذه الريح عصفت بذلك الماء العظيم عصفا شديدا ؛ كأنها تعصف في فضاء لا ممانع لها فيه من الأجسام .
الساجي : الساكن . والمائر : الذي يذهب ويجيء . وعب عبابه : أي ارتفع أعلاه . وركامه : ثبجه وهضبه . والجو المنفهق : المفتوح الواسع . والموج المكفوف : الممنوع من السيلان ، وعمد يدعمها : يكون لها دعامة . والدسار : واحد الدسر وهي المسامير .
والثواقب النيرة : المشرقة . وسراجا مستطيرا ، أي منتشر الضوء ؛ يقال : قد استطار الفجر ، أي انتشر ضوؤه . ورقيم مائر ، أي لوح متحرك ، سمي الفلك رقيما تشبيها باللوح ، لأنه مسطح .
فأما القطب الراوندي فقال : إنه عليه السلام ذكر قبل هذه الكلمات أنه أنشأ حيوانا له أعضاء وأحناء ، ثم ذكر ههنا أنه فتق السماء ، وميز بعضها عن بعض ، ثم ذكر أن بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ، وهي سبع سموات ، وكذلك بين كل أرض أرض ، وهي سبع أيضا . وروى حديث البقرة التي تحمل الملك الحامل للعرش ، والصخرة التي تحمل البقرة ، والحوت الذي يحمل الصخرة .
ولقائل أن يقول : إنه عليه السلام لم يذكر فيما تقدم أن الله تعالى خلق حيوانا ذا أعضاء ، ولا قوله الآن : ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، هو معنى قوله تعالى : ' أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ' ، ألا تراه كيف صرح عليه السلام بأن البارئ سبحانه خلق الهواء الذي هو الفضاء ، وعبر عن ذلك بقوله : ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، وليس فتق الأجواء هو فتق السماء ! فإن قلت : فكيف يمكن التطبيق بين كلامه عليه السلام وبين الآية ؟ قلت : إنه تعالى لما سلط الريح على الماء فعصفت به ، حتى جعلته بخارا وزبدا ، وخلق من أحدهما السماء ومن الآخر الأرض ، كان فاتقا لهما من شيء واحد ، وهو الماء . فأما حديث البعد بين السموات وكونه مسيرة خمسمائة عام بين كل سماء وسماء ، فقد ورد ورودا لم يوثق به ؛ وأكثر الناس على خلاف ذلك وكون الأرض سبعا أيضا خلاف ما يقوله جمهور العقلاء ، وليس في القرآن العزيز ما يدل على تعدد الأرض إلا قوله تعالى : ' ومن الأرض مثلهن ' ، وقد أولوه على الأقاليم السبعة . وحديث الصخرة والحوت والبقرة من الخرافات في غالب الظن ، والصحيح أن الله تعالى يمسك الكل بغير واسطة جسم آخر .
ثم قال الراوندي : السكائك : جمع سكاك ، وهذا غير جائز ، لأن فعالا لا يجمع على فعائل ؛ وإنما هو جمع سكاكة ، ذكر ذلك الجواهري .
Página 60