313

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

قال نصر : وروى الشعبي عن صعصعة ، قال : وقد كان الأشعث بن قيس بدر منه قول ليلة الهرير ، نقله الناقلون إلى معاوية ، فاغتنمه وبنى عليه تدبيره ؛ وذلك أن الأشعث خطب أصحابه من كندة تلك الليلة ، فقال : الحمد لله ، أحمده ، وأستعينه ، وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأستنصره وأستغفره ، وأستجيره وأستهديه ، وأستشيره واستشهد به ؛ فإن من هداه الله فلا مضل له ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

ثم قال : قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي ، وما قد فني فيه من العرب ، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ ، فما رأيت مثل هذا اليوم قط . ألا فليبلغ الشاهد الغائب ؛ إنا نحن إن تواقفنا غدا ، إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات ! أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحرب ، ولكني مسن أخاف على النساء والذراري غدا إذا فنينا ، اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، والرأي يخطئ ويصيب ، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ! قال الشعبي : قال صعصعة : فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث ، فقال : أصاب ورب الكعبة ! لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذراري أهل الشام ونسائهم ، ولتميلن فارس على ذراري أهل العراق ونسائهم ! إنما يبصر ذوو الأحلام والنهى ؛ ثم قال لأصحابه : اربطوا المصاحف على أطراف القنا .

فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون عن قول معاوية وأمره : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ! ومن لذراريكم إذا قتلناكم ! الله الله في البقية ! وأصبحوا وقد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح ، وقد قلدوها الخيل والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه ، ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح ، وهم ينادون : كتاب الله بيننا وبينكم .

وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض ، وقد وضع المصحف على رأسه ، ينادي : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم .

قال : فجاء عدي بن حاتم الطائي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه لم يصب منا عصبة إلا وقد أصيب منهم مثلها ، وكل مقروح ؛ ولكنا أمثل بقية منهم ، وقد جزع القوم ، وليس بعد الجزع إلا ما نحب ، فناجزهم .

وقام الأشتر ، فقال : يا أمير المؤمنين إن معاوية لا خلف له من رجاله ، ولكن بحمد الله لك الخلف ، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا نصرك ، فاقرع الحديد بالحديد ، واستعن بالله الحميد .

ثم قام عمرو بن الحمق ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك على الباطل ، ولا أجبنا إلا الله ولا طلبنا إلا الحق ، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوتنا إليه لاستشرى فيه اللجاج ، وطالت فيه النجوى ، وقد بلغ الحق مقطعه ، وليس لنا معك رأي .

Página 127