Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
قال : فبلغ ذلك معاوية ، فدعا عمرو بن العاص ، وقال : يا عمرو ، إنما هي الليلة ، حتى يغدو علي علينا بالفيصل ، فما ترى ؟ قال : إن رجالك لا يقومون لرجاله ، ولست مثله ، هو يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره ، أنت تريد البقاء ، وهو يريد الفناء ، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم ، وأهل الشام لا يخافون عليا إن ظفر بهم ؛ ولكن ألق إلى القوم أمرا إن قبلوه اختلفوا وإن ردوه اختلفوا ، ادعهم إلى كتاب الله حكما بينك وبينهم ، فإنك بالغ به حاجتك في القوم ، وإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه ، فعرف معاوية ذلك وقال له : صدقت . قال نصر : وحدثنا عمرو بن شمر عن جابر بن عمير الأنصاري ، قال : والله لكأني أسمع عليا يوم الهرير ، وذلك بعد ما طحنت رحا مذحج ، فيما بينها وبين عك لخم وجذام والأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي ، حتى استقلت الشمس ، وقام قائم الظهر ، وعلي عليه السلام يقول لأصحابه : حتى متى نخلي بين هذين الحيين ! قد فنيا وأنتم وقوف تنظرون ! أما تخافون مقت الله ! ثم انفتل إلى القبلة ، ورفع يديه إلى الله عز وجل ، ونادى : يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا واحد ، يا أحد ، يا صمد ! يا الله ، يا إله محمد ؛ اللهم إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، ومدت الأعناق ، وشخصت الأبصار ، وطلبت الحوائج ! اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا ، وكثرة عدونا ، وتشتت أهوائنا ، ' ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ' سيروا على بركة الله ، ثم نادى : لا إله إلا الله والله أكبر ، كلمة التقوى .
قال : فلا والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، ما سمعنا رئيس قوم منذ خلق الله السموات والأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب ، إنه قتل - فيما ذكر العادون - زيادة على خمسمائة من أعلام العرب ، يخرج بسيفه منحنيا ، فيقول : معذرة إلى الله وإليكم من هذا . لقد هممت أن أفلقه ؛ ولكن يحجزني عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ' لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ' . وأنا أقاتل به دونه صلى الله عليه وسلم .
قال : فكنا نأخذه فنقومه ، ثم يتناوله من أيدينا فيقتحم به في عرض الصف ، فلا والله ما ليث بأشد نكاية منه في عدوه عليه السلام .
قال نصر : فحدثنا عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : سمعت تميم بن حذيم ، يقول : لما أصبحنا في ليلة الهرير ، نظرنا فإذا أشباه الرايات ، أمام أهل الشام في وسط الفيلق ، حيال موقف علي ومعاوية ، فلما أسفرنا إذا هي المصاحف قد ربطت على أطراف الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدوا ثلاثة أرماح جميعا ، وربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم ، يمسكه عشرة رهط .
قال نصر : وقال أبو جعفر وأبو الطفيل : استقبلوا عليا بمائة مصحف ، ووضعوا في كل مجنبة مائتي مصحف ، فكان جميعها خمسمائة مصحف .
قال أبو جعفر : ثم قام الطفيل بن أدهم حيال علي عليه السلام ، وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة ، وقام ورقاء بن المعمر حيال الميسرة ، ثم نادوا : يا معشر العرب ، الله الله في النساء والبنات والأبناء من الروم والأتراك وأهل فارس غدا إذا فنيتم ! الله الله في دينكم ! هذا كتاب الله بيننا وبينكم .
فقال علي عليه السلام : اللهم إنك تعلم أنهم ما الكتاب يريدون ، فاحكم بيننا وبينهم إنك أنت الحكم الحق المبين .
Página 125