307

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

وإنما ذكرنا هذه الأخبار والروايات - وإن كانت خارجة عن مقصد الفصل - لأن الحال اقتضى ذكرها ، من حيث أردنا أن نبين أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن يذهب في خلافته مذهب الملوك الذين يصانعون بالأموال ، ويصرفونها في مصالح ملكهم وملاذ أنفسهم ، وأنه لم يكن من أهل الدنيا ، وإنما كان رجلا متألها صاحب حق ، لا يريد بالله ورسوله بدلا .

وروى علي بن محمد بن أبي يوسف المدائني أن طائفة من أصحاب علي عليه السلام مشوا إليه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أعط هذه الأموال وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ، واستمل من تخاف خلافه من الناس وفراره ، وإنما قالوا له ذلك لما كان معاوية يصنع في المال ، فقال لهم : أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور ! لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ، وما لاح في السماء نجم ، والله لو كان المال لي لواسيت بينهم ، فكيف وإنما هي أموالهم ! ثم سكت طويلا واجما ، ثم قال : الأمر أسرع من ذلك ؛ قالها ثلاثا .

ومن خطبة له بعد التحكيم الأصل : الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح ، والحدث الجليل ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ليس معه إله غيره ، وأن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وآله .

أما بعد ، فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب ، تورث الحسرة ، وتعقب الندامة ، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري ، ونخلت لكم مخزون رأيي ، لو كان يطاع لقصير أمر ! فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة ، والمنابذين العصاة ، حتى ارتاب الناصح بنصحه ، وضن الزند بقدحه ، فكنت أنا وإياكم كما قال أخو هوازن :

أمرتكم أمري بمنعرج اللوى . . . فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

الشرح : الخطب الفادح : الثقيل ، ونخلت لكم ، أي أخلصته ، من نخلت الدقيق بالمنخل .

وقوله : الحمد لله وإن أتى الدهر ، أي أحمده على كل حال من السراء والضراء .

وقوله : لو كان يطاع لقصير أمر ، فهو قصير صاحب جذيمة ، وحديثه مع جذيمة ومع الزباء مشهور ، فضرب المثل لكل ناصح يعصى بقصير .

Página 121