Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فقال : إنهم يجدون البرد كما تجدون . فتلكئوا وأبوا ، فقال : أف لكم ! إنها سنة جرت ثم تلا قوله تعالى : ' قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا فإنا داخلون ' .
فقام منهم ناس فقالوا : يا أمير المؤمنين ، الجراح فاشية في الناس - وكان أهل النهروان قد أكثروا الجراح في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام - فارجع إلى الكوفة ، فأقم بها أياما ثم اخرج . خار الله لك ! فرجع إلى الكوفة عن غير رضا .
أول خطبة لعلي بالكوفة بعد قدومه
من حرب الخوارج :
وروى نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن أبي وداك ، قال : لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروان ، أقبل به أمير المؤمنين ، فأنزلهم النخيلة ، وأمر الناس أن يلزموا معسكرهم ، ويوطنوا على الجهاد أنفسهم ، وأن يقلوا زيارة النساء وأبناؤهم ، حتى يسير بهم إلى عدوهم ، وكان ذلك هو الرأي لو فعلوه ، لكنهم لم يفعلوا ، وأقبلوا يتسللون ويدخلون الكوفة . فتركوه عليه السلام وما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل ، وبقي المعسكر خاليا ، فلا من دخل الكوفة خرج إليه ، ولا من أقام معه صبر . فلما رأى ذلك دخل الكوفة .
قال نصر بن مزاحم : فخطب الناس بالكوفة ، وهي أول خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج ، فقال : أيها الناس ؛ استعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى الله عز وجل ، ودرك الوسيلة عنده ؛ قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه ، موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به ، جفاة عن الكتاب ، نكب عن الدين ، يعمهون في الطغيان ، ويتسكعون في غمرة الضلال ، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، وتوكلوا على الله ، وكفى بالله وكيلا .
قال : فلم ينفروا ولم ينشروا ، فتركهم أياما ، ثم خطبهم ، فقال : أف لكم ! لقد سئمت عتابكم . أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا . الفصل الذي شرحناه آنفا إلى آخره . وزاد فيه : أنتم أسود الشرى في الدعة وثعالب راوغة حين البأس ، إن أخا الحرب اليقظان ؛ ألا إن المغلوب مقهور ومسلوب .
وروى الأعمش عن الحكم بن عتيبة ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : سمعت عليا عليه السلام على منبر الكوفة ، وهو يقول : يا أبناء المهاجرين ؛ انفروا إلى أئمة الكفر ، وأولياء الشيطان . انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا ، فوالله الذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لاينقص من أوزارهم شيئا .
Página 115