270

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

قلت : من هذا اليوم أنشب معاوية أظفاره في الخلافة ، لأنه غلب على ظنه قتل عثمان ، ورأى أن الشام بيده ، وان أهلها يطيعونه ، وأن له حجة يحتج بها عليهم ، ويجعلها ذريعة إلى غرضه ، وهي قتل عثمان إذا قتل ، وأنه ليس في أمراء عثمان أقوى منه ولا أقدر على تدبير الجيوش ، واستمالة العرب ، فبنى أمره من هذا اليوم على الطمع في الخلافة . ألا ترى إلى قوله لصعصعة من قبل : إنه ليس أحد أقوى مني على الإمارة ، وإن عمر استعملني ورضي سيرتي ! أولا ترى إلى قوله للمهاجرين الأولين : إن شرعتم في أخذها بالتغالب ، وملتم على هذا الشيخ ، أخرجها الله منكم إلى غيركم وهو على الاستبدال قادر ، وإنما كان يعني نفسه ، وهو يكني عنها ، ولهذا تربض بنصرة عثمان لما استنصره ولم يبعث إليه أحدا .

وروى محمد بن عمر الواقدي رحمه الله تعالى ، قال : لما أجلب الناس على عثمان ، وكثرت القالة فيه ، خرج ناس من مصر ؛ منهم عبد الرحمن بن عديس البلوي ، وكنانة بن بشر الليثي ، وسودان بن حمران السكوني ، وقتيرة بن وهبى السكسكي ؛ وعليهم جميعا أبو حرب الغافقي ، وكانوا في ألفين . وخرج ناس من الكوفة ، منهم زيد بن صوحان العبدي ، ومالك الأشتر النخعي ، وزياد بن النضر الحارثي ، وعبد الله بن الأصم الغامدي ، في ألفين . وخرج ناس من أهل البصرة ، منهم حكيم بن جبلة العبدي ، وجماعة من أمرائهم ، وعليهم حرقوص بن زهير السعدي ؛ وذلك في شوال من سنة خمس وثلاثين ، وأظهروا أنهم يريدون الحج . فلما كانوا من المدينة على ثلاث ، تقدم أهل البصرة ، فنزلوا ذا خشب - وكان هواهم في طلحة - وتقدم أهل الكوفة ، فنزلوا الأعوص - وكان هواهم في الزبير - وجاء أهل مصر فنزلوا المروة - وكان هواهم في علي عليه السلام - ودخل ناس منهم إلى المدينة يخبرون ما في قلوب الناس لعثمان ، فلقوا جماعة من المهاجرين والأنصار ، ولقوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : إنما نريد الحج ، ونستعفي من عمالنا .

ثم لقي جماعة من المصريين عليا عليه السلام ، وهو متقلد سيفه عند أحجار الزيت ، فسلموا عليه ، وعرضوا عليه أمرهم ، فصاح بهم وطردهم ، وقال : لقد علم الصالحون أن جيش المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فانصرفوا عنه .

وأتى البصريون طلحة ، فقال لهم مثل ذلك ، وأتى الكوفيون الزبير ، فقل لهم مثل ذلك . فتفرقوا وخرجوا عن المدينة إلى أصحابهم ، فلما أمن أهل المدينة واطمأنوا إلى رجوعهم لم يشعروا إلا والتكبير في نواحي المدينة ، وقد نزلوها ، وأحاطوا بعثمان ، ونادى مناديهم : يا أهل المدينة ، من كف يده عن الحرب فهو آمن . فحصروه في منزله ، إلا أنهم لم يمنعوا الناس من كلامه ولقائه ، فجاءهم جماعة من رؤساء المهاجرين ، وسألوهم : ما شأنهم ؟ فقالوا : لا حاجة لنا في هذا الرجل ، ليعتزلنا لنولي غيره ، لم يزيدوهم على ذلك .

فكتب عثمان إلى أهل الأمصار ، يستنجدهم ويأمرهم بتعجيل الشخوص إليه للمنع عنه ، ويعرفهم ما الناس فيه .

Página 84