Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فلما قدموا على معاوية - وكانوا : الأشتر ، ومالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد النخعي ، وعلقمة بن قيس النخعي ، وصعصعة بن صوحان العبدي ، وغيرهم - جمعهم يوما ، وقال لهم : إنكم قوم من العرب ، ذوو أسنان وألسنة ، وقد أدركتم بالإسلام شرفا ، وغلبتم الأمم ، وحويتم مواريثهم ، وقد بلغني أنكم ذممتم قريشا ، ونقمتم على الولاة فيها ، ولولا قريش لكنتم أذلة ، إن أئمتكم لكم جنة ، فلا تفرقوا عن جنتكم ، إن أئمتكم ليصبرون لكم على الجور ، ويحتملون منكم العتاب ، والله لتنتهن أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم الخسف ، ولا يحمدكم على الصبر ، ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم ، وبعد وفاتكم .
فقال له صعصعة بن صوحان : أما قريش فإنها لم تكن أكثر العرب ولا أمنعها في الجاهلية ، وإن غيرها من العرب لأكثر منها كان وأمنع .
فقال معاوية : إنك لخطيب القوم ، ولا أرى لك عقلا ، وقد عرفتكم الآن ، وعلمت أن الذي أغراكم قلة العقول . أعظم عليكم أمر الإسلام فتذكرني الجاهلية ! أخزى الله قوما عظموا أمركم ! افقهوا عني ولا أظنكم تفقهون ؛ إن قريشا لم تعز في جاهلية ولا إسلام إلا بالله وحده ؛ لم تكن بأكثر العرب ولا أشدها ، ولكنهم كانوا أكرمهم أحسابا ، وأمحضهم أنسابا ، وأكملهم مروءة ، ولم يمتنعوا في الجاهلية - والناس يأكل بعضهم بعضا - إلا بالله ، فبوأهم حرما آمنا يتخطف الناس من حوله . هل تعرفون عربا أو عجما ، أو سودا أو حمرا إلا وقد أصابهم الدهر وحرمهم ، إلا ما كان من قريش ، فإنه لم يردهم أحد من الناس بكيد إلا جعل الله خده الأسفل ، حتى أراد الله تعالى أن يستنقذ من أكرمه باتباع دينه من هوان الدنيا ، وسوء مرد الآخرة ، فارتضى لذلك خير خلقه ، ثم ارتضى له أصحابنا ، وكان خيارهم قريشا . ثم بنى هذا الملك عليهم ، وجعل هذه الخلافة فيهم ، فلا يصلح الأمر إلا بهم ؛ وقد كان الله يحوطهم في الجاهلية وهم على كفرهم ، أفتراه لا يحوطهم وهم على دينه ! أف لك ولأصحابك ! أما أنت يا صعصعة ، فإن قريتك شر القرى ، أنتنها نبتا وأعمقها واديا ، وألأمها جيرانا ، وأعرفها بالشر ، لم يسكنها شريف قط ولا وضيع إلا سب بها ، نزاع الأمم وعبيد فارس ، وأنت شر قومك . أحين أبرزك الإسلام ، وخلطك بالناس ، أقبلت تبغي دين الله عوجا ، وتنزع الغواية ! إنه لن يضر ذلك قريشا ولا يضعهم ، ولا يمنعهم من تأدية ما عليهم ، إن الشيطان عنكم لغير غافل ، قد عرفكم بالشر ، فأغراكم بالناس ، وهو صارعكم ، وإنكم لا تدركون بالشر أمرا إلا فتح عليكم شر منه وأخزى . لقد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم ، لا ينفع الله بكم أحدا أبدا ، ولا يضره ، ولستم برجال منفعة ولا مضرة ، فإن أردتم النجاة فالزموا جماعتكم ولا تبطرنكم النعمة ، فإن البطر لا يجر خيرا . اذهبوا حيث شئتم ، فسأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم .
وكتب إلى عثمان : إنه قدم علي قوم ليست لهم عقول ولا أديان ، أضجرهم العدل ، لا يريدون الله بشيء ، ولا يتكلمون بحجة ، إنما همهم الفتنة ، والله مبتليهم ثم فاضحهم ، وليسوا بالذين نخاف نكايتهم ، وليسوا بأكثر ممن له شغب ونكير ، ثم أخرجهم من الشام .
Página 78