251

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

قال : وقد كان يجوز أن يقول : من كفر فعليه ذنبه ، لكن الأحسن هو إعادة اللفظ ، فأما إذا كان غير جواب لم تلزم فيه هذه المراعاة اللفظية ، بل قد تقابل اللفظة بلفظة تفيد معناها ؛ وإن لم تكن هي بعينها ، نحو قوله تعالى : ' ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون ' ، فقال : يفعلون ولم يقل يعملون .

وكذلك قوله تعالى : ' ففزع منهم قالوا لا تخف ' ، ولم يقل : قالوا لا تفزع .

وكذلك قوله تعالى : ' إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ' ، ولم يقل : كنتم تخوضون وتلعبون ، قال : ونحو ذلك من الأبيات الشعرية قول أبي تمام :

بسط الرجاء لنا برغم نوائب . . . كثرت بهن مصارع الآمال

فقال : الآمال عوض الرجاء ، قال أبو الطيب :

إني لأعلم واللبيب خبيرأن الحياة وإن حرصت غرور

فقال : خبير ولم يقل : عليم ، قال : وإنما حسن ذلك ، لأنه ليس بجواب ، وإنما هو كلام مبتدأ . قلت : الصحيح أن هذه الآيات ، وهي قوله تعالى : ' نسوا الله فأنساهم أنفسهم ' وما شابهها ليست من باب المقابلة التي نحن في ذكرها ، وأنها نوع آخر ، ولو سميت : المماثلة أو المكافأة لكان أولى ، والدليل على ذلك أن هذا الرجل حد المقابلة في أول الباب الذي ذكر هذا البحث فيه ، فقال : إنها ضد التجنيس ؛ لأن التجنيس أن يكون اللفظ واحدا مختلف المعنى ؛ وهذه لا بد أن تتضمن معنيين ضدين ، وإن كان التضاد مأخوذا من حدها ، فقد خرجت هذه الآيات من باب المقابلة ، وكانت نوعا آخر .

وأيضا فإن قوله تعالى : ' ومكروا مكرا ومكرنا مكرا ' ليس من سلك الآيات الأخرى ، لأنه بالواو والآيات الأخرى بالفاء ، والفاء جواب ، والواو ليست بجواب .

وأيضا ، فإنا إذ تأملنا القرآن العزيز لم نجد ما ذكره هذا الرجل مطردا ، قال تعالى : ' أما من استغنى ، فأنت له تصدى ، وما عليك ألا يزكى ، وأما من جاءك يسعى ، وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى ' ، فلم يقل في الثانية : وأما من جاءك يسعى وهو فقير .

وقال تعالى : ' فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى ' ، فقابل بين أعطى وبخل ولم يقابل بين اتقى واستغنى ، ومثل هذا في القرآن العزيز كثير ، وأكثر من الكثير .

وقد بان الآن أن التقسيم الأول فاسد ، وأنه لا مقابلة إلا بين الأضداد وما يجري مجراها .

Página 65