Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
إن قيل : الاستعمال خلاف ذلك ، لأنهم يقولون : حضرنا عند فلان فوجدناه يشكر الأمير على معروفه عند زيد ، قيل : ذلك إنما يصح إذا كان إنعام الأمير على زيد أوجب سرور فلان ، فيكون شكر إنعام الأمير على زيد شكرا على السرور الداخل على قلبه بالإنعام على زيد ، وتكون لفظة زيد التي استعيرت ظاهرا لاستناد الشكر إلى مسماها كناية لا حقيقة ، ويكون ذلك الشكر شكرا باعتبار السرور المذكور ، ومدحا باعتبار آخر ، وهو المناداة على ذلك الجميل والثناء الواقع بجنسه .
ثم إن هؤلاء المتكلمين الذين حكينا قولهم يزعمون أن الحمد والمدح والشكر لا يكون إلا باللسان مع انطواء القلب على الثناء والتعظيم ، فإن استعمل شيء من ذلك في الأفعال بالجوارح كان مجازا . وبقي البحث عن اشتراطهم مطابقة القلب للسان ، فإن الاستعمال لا يساعدهم ، لأن أهل الإصطلاح يقولون لمن مدح غيره ، أو شكره رياء وسمعة : إنه قد مدحه وشكره وإن كان منافقا عندهم . ونظير هذا الموضع الإيمان ، فإن أكثر المتكلمين لا يطلقونه على مجرد النطق اللساني ، بل يشترطون فيه الإعتقاد القلبي ، فأما أن يقصروا به عليه كما هو مذهب الأشعرية والإمامية ، أو تؤخذ معه أمور أخرى وهي فعل الواجب وتجنب القبيح كما هو مذهب المعتزلة ، ولا يخالف جمهور المتكلمين في هذه المسألة إلا الكرامية فإن المنافق عندهم يسمى مؤمنا ، ونظروا إلى مجرد الظاهر ، فجعلوا النطق اللساني وحده إيمانا .
والمدحة : هيئة المدح ، كالركبة ، هيئة الركوب ، والجلسة هيئة الجلوس ، والمعنى مطروق جدا ، ومنه في الكتاب العزيز كثير ، كقوله تعالى : ' وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ' ، وفي الأثر النبوي : ' لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ' ، وقال الكتاب من ذلك ما يطول ذكره ، فمن جيد ذلك قول بعضهم : الحمد لله على نعمه التي منها إقدارنا على الاجتهاد في حمدها ، وإن عجزنا عن إحصائها وعدها . وقالت الخنساء بنت عمرو بن الشريد :
فما بلغت كف امرئ متناول . . . بها المجد إلا والذي نلت أطول
ولا حبر المثنون في القول مدحة . . . وإن أطنبوا إلا وما فيك أفضل
ومن مستحسن ما وقفت عليه من تعظيم البارئ عز جلاله بلفظ الحمد قول بعض الفضلاء في خطبة أرجوزة علمية :
الحمد لله بقدر الله . . . لا قدر العبد ذي التناهي
والحمد لله الذي برهانه . . . أن ليس شأن ليس فيه شانه
Página 42