Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وروى شريك بن عبد الله النخعي ، عن محمد بن عمرو بن مرة عن أبيه ، عن عبد الله بن سلمة ، وعن أبي موسى الأشعري ، قال : حججت مع عمر ، فلما نزلنا وعظم الناس خرجت من رحلي أريده ، فلقيني المغيرة بن شعبة ، فرافقني ، ثم قال : أين تريد ؟ فقلت : أمير المؤمنين ، فهل لك ؟ قال : نعم ، فانطلقنا نريد رحل عمر ، فإنا لفي طريقنا أذ ذكرنا تولي عمر وقيامه بما هو فيه ، وحياطته على الإسلام ، ونهوضه بما قبله من ذلك ، ثم خرجنا إلى ذكر أبي بكر ، فقلت للمغيرة : يا لك الخير ! لقد كان أبو بكر مسددا في عمر ، لكأنه ينظر إلى قيامه بعده ، وجده واجتهاده وغنائه في الإسلام ، فقال المغيرة : لقد كان ذلك ، وإن كان قوم كرهوا ولاية عمر ليزووها عنه ، وما كان لهم في ذلك من حظ ، فقلت له : لا أبا لك ! ومن القوم الذين كرهوا ذلك لعمر ؟ فقال المغيرة : لله أنت ! كأنك لا تعرف هذا الحي من قريش وما خصوا به من الحسد ! فوالله لو كان هذا الحسد يدرك بحساب لكان لقريش تسعة أعشاره وللناس كلهم عشر ، فقلت : مه يا مغيرة ! فإن قريشا بانت بفضلها على الناس . فلم نزل في مثل ذلك حتى انتهينا إلى رحل عمر فلم نجده ، فسألنا عنه فقيل : قد خرج آنفا ، فمضينا نقفو أثره حتى دخلنا المسجد ، فإذا عمر يطوف بالبيت ، فطفنا معه ، فلما فرغ دخل بيني وبين المغيرة ، فتوكأ على المغيرة وقال : من أين جئتما ؟ فقلنا : خرجنا نريدك يا أمير المؤمنين ، فأتينا رحلك فقيل لنا : خرج إلى المسجد ، فاتبعناك . فقال : اتبعكما الخير ، ثم نظر المغيرة إلي وتبسم ، فرمقه عمر ، فقال : مم تبسمت أيها العبد ! فقال : من حديث كنت أنا وأبو موسى فيه آنفا في طريقنا إليك ، قال : وما ذاك الحديث ؟ فقصصنا عليه الخبر حتى بلغنا ذكر حسد قريش ، وذكر من أراد صرف أبي بكر عن استخلاف عمر ، فتنفس الصعداء ثم قال : ثكلتك أمك يا مغيرة ! وما تسعة أعشار الحسد ! بل وتسعة أعشار العشر ، وفي الناس كلهم عشر العشر ، بل وقريش شركاؤهم أيضا فيه ! وسكت مليا وهو يتهادى بيننا ، ثم قال : ألا أخبركما بأحسد قريش كلها ؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : وعليكما ثيابكما ؟ قلنا : نعم ، قال : وكيف بذلك وأنتما ملبسان ثيابكما ؟ قلنا : يا أمير المؤمنين ، وما بال الثياب ! قال : خوف الإذاعة منها ، قلنا له : أتخاف الإذاعة من الثياب أنت ، وأنت ملبس الثياب أخوف ! وما الثياب أردت ! قال : هو ذاك ، ثم انطلق وانطلقنا معه حتى انتهينا إلى رحله ، فخلى أيدينا من يده ، ثم قال : لا تريما ، ودخل فقلت للمغيرة : لا أبا لك ! لقد عثرنا بكلامنا معه ، وما كنا فيه ، وما نراه حبسنا إلا ليذاكرنا إياها ، قال : فإنا لكذلك إذ أخرج أذنه إلينا ، فقال : ادخلا ، فدخلنا فوجدناه مستلقيا على برذعة برحل ، فلما رآنا تمثل بقول كعب ابن زهير : لا تفش سرك إلا عندي ذي ثقة . . . أولى وأفضل ما استودعت أسرارا
صدرا رحيبا وقلبا واسعا قمنا . . . ألا تخاف متى أودعت إظهارا
Página 19