193

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

قال : وقد روى أن قضاعة استقبلتهم ؛ ينحرون لهم الجزر ، حتى دخلوا المدينة قال : فدخلوها ، وعامل علي عليه السلام عليها أبو أيوب الأنصاري ، صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج عنها هاربا ، ودخل بسر المدينة ، فخطب الناس وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم ، وقال : شاهت الوجوه ! إن الله تعالى قال : ' وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها . . . ' الآية ، وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله ؛ كان بلدكم مهاجرالنبي صلى الله عليه ومنزله ، وفيه قبره ومنازل الخلفاء من بعده ؛ فلم تشكروا نعمة ربكم ، ولم ترعوا حق نبيكم ، وقتل خليفة الله بين أظهركم ، فكنتم بين قاتل وخاذل ، ومتربص وشامت ، إن كانت للمؤمنين ، قلتم : ألم نكن معكم ! وإن كان للكافرين نصيب ، قلتم : ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ! ثم شتم الأنصار ، فقال : يا معشر اليهود وأبناء العبيد : بني زريق ، وبني النجار ، وبني سليمة ، وبني عبد الأشهل ، أما والله لأوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين وآل عثمان ؛ أما والله لأدعنكم أحاديث كالأمم السالفة . فتهددهم حتى خاف الناس أن يوقع بهم ، ففزعوا إلى حويطب بن عبد العزى - ويقال إنه زوج أمه - فصعد إليه المنبر ، فناشده ، وقال : عترتك وأنصار رسول الله ، وليسوا بقتلة عثمان ؛ فلم يزل به حتى سكن ، ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه . ونزل فأحرق دورا كثيرة ، منها دار زرارة بن حرون ، أحد بني عمرو بن عوف ، ودار رفاعة بن رافع الزرقي ، ودار أبي أيوب الأنصاري . وتفقد جابر بن عبد الله ، فقال : ما لي لا أرى جابرا يا بني سلمة ! لا أمان لكم عندي ، أو تأتوني بجابر ؛ فعاذ جابر بأم سلمة رضي الله عنها ، فأرسلت إلى بسر ابن أرطأة ، فقال : لا أؤمنه حتى يبايع ، فقالت له أم سلمة : إذهب فبايع ، وقالت لابنها عمر : اذهب فبايع ، فذهبا فبايعاه .

قال إبراهيم : وروى الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لما خفت بسرا وتواريت عنه ، قال لقومي : لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر ، فأتوني وقالوا : ننشدك الله لما انطلقت معنا فبايعت ، فحقنت دمك ودماء قومك ، فإنك إن لم تفعل قتلت مقاتلينا ، وسبيت ذرارينا . فاستنظرتهم الليل ، فلام أمسيت دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر ، فقالت : يا بني ، انطلق فبايع ، احقن دمك ودماء قومك ؛ فإني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع ، وإني لأعلم أنها بيعة ضلالة .

قال إبراهيم : فأقام بسر بالمدينة أياما ثم قال لهم : إني قد عفوت عنكم ، وإن لم تكونوا لذلك بأهل ؛ ما قوم قتل إمامهم بين ظهرانيهم بأهل أن يكف عنهم العذاب ؛ ولئن نالكم العفو مني في الدنيا ؛ إني لأرجو ألا تنالكم رحمة الله عز وجل في الآخرة ، وقد استخلفت عليكم أبا هريرة ، فإياكم وخلافه . ثم خرج إلى مكة .

Página 7