Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وأيضا ، فإن المصدر الذي لا عامل فيه غير جائز حذف عامله ، وتقدير حذفه تقدير ما لا دليل عليه . وهبلته أمه ، بكسر الباء : ثكلته . وقوله : لقد كنت وما أهدد بالحرب ، معناه : ما زلت لا أهدد بالحرب ، والواو زائدة . وهذه الكلمة فصيحة كثيرا ما تستعملها العرب . وقد ورد في القرآن العزيز كان بمعنى ما زال في قوله : ' وكان الله عليما حكيما ' ونحو ذلك من الآي ، معنى ذلك : لو يزل الله عليما حكيما . والذي تأوله الله تعالى في : تكملة الغرر والدرر ، كلام متكلف ، والوجه الصحيح ما ذكرناه .
وهذه الخطبة ليست من خطب صفين كما ذكر الراوندي ، بل من خطب الجمل ، وقد ذكر كثيرا منها أبو مخنف رحمه الله تعالى ، قال : حدثنا مسافر بن عفيف بن أبي الأخنس قال : لما رجعت رسل علي عليه السلام من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب ، قام فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : أيها الناس إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا ، ووبختهم بنكثهم ، وعرفتهم بغيهم فلم يستحيوا ، وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان ، واصبر للجلاد ، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل ، وتعدك الغرور . ألا هبلتهم الهبول ، لقد كنت وما أهدد بالحرب ، ولا أرهب بالضرب ! ولقد أنصف القارة من راماها ، فليرعدوا وليبرقوا ، فقد رأوني قديما ، وعرفوا نكايتي ، فكيف رأوني ! أنا أبو الحسن ، الذي فللت حد المشركين ، وفرقت جماعتهم . وبذلك القلب ألقى عدوي اليوم ، وإني لعلى ما وعدني ربي من النصر والتأييد ، وعلى يقين من أمري ، وفي غير شبهة من ديني .
أيها الناس ، إن الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيد ولا محيص ، من لم يقتل مات .
إن أفضل الموت القتل ، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش ، اللهم إن طلحة نكث بيعتي ، وألب على عثمان حتى قتله ، ثم عضهني به ورماني .
اللهم فلا تمهله . اللهم إن الزبير قطع رحمي ، ونكث بيعتي ، وظاهر علي عدوي ، فاكفنيه اليوم بما شئت ، ثم نزل .
خطبة علي في المدينة
Página 183