Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وأما الأسر الثاني في الإسلام ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدمت كندة حجاجا قبل الهجرة ، عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه عليهم ، كما كان يعرض نفسه على أحياء العرب ، فدفعه بنو وليعة من بني عمرو بن معاوية ولم يقبلوه ، فلما هاجر صلى الله عليه وسلم وتمهدت دعوته ، وجاءته وفود العرب ، جاءه وفد كندة ، فيهم الأشعث وبنو وليعة ، فأسلموا ، فأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم بني وليعة طعمة من صدقات حضرموت ، وكان استعمل على حضرموت زياد بن لبيد البياضي الأنصاري ، فدفعها زياد إليهم ، فأبوا أخذها ، وقالوا : لا ظهر لنا ، فابعث بها إلى بلادنا على ظهر من عندك ، فأبى زياد ، وحدث بينهم وبين زياد شر كاد يكون حربا ، فرجع منهم قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكتب زياد إليه عليه السلام يشكوهم .
وفي هذه الوقعة كان الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لبني وليعة : ' لتنتهن يا بني وليعة ، أو لأبعثن عليكم رجلا عديل نفسي ، يقتل مقاتلكم ، ويسبي ذراريكم ' . قال عمر بن الخطاب : فما تمنيت الإمارة إلا يومئذ ، وجعلت أنصب له صدري رجاء أن يقول : هو هذا ، فأخذ بيد علي عليه السلام ، وقال : ' هو هذا ' .
ثم كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زياد ، فوصلوا إليه بالكتاب وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطار الخبر بموته إلى قبائل العرب ، فارتدت بنو وليعة ، وغنت بغاياهم ، وخضبن له أيديهن .
وقال محمد بن حبيب : كان إسلام بني وليعة ضعيفا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك منهم . ولما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، وانتهى إلى فم الشعب دخل أسامة بن زيد ليبول ، فانتظره رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان أسامة أسود أفطس - فقال بنو وديعة : هذ الحبشي حبسنا ! فكانت الردة في أنفسهم . قال أبو جعفر محمد بن جرير : فأمر أبو بكر زيادا على حضرموت ، وأمره بأخذ البيعة على أهلها واستيفاء صدقاتهم ، فبايعوه إلا بني وليعة ، فلما خرج ليقبض الصدقات من بني عمرو بن معاوية ، أخذ ناقة لغلام منهم يعرف بشيطان بن حجر - وكانت صفية نفيسة ، اسمها شذرة - فمنعه الغلام عنها . وقال : خذ غيرها ، فأبى زياد ذلك ولج ، فاستغاث شيطان بأخيه العداء بن حجر ، فقال لزياد : دعها وخذ غيرها ، فأبى زياد ذلك ، ولج الغلامان في أخذها ، ولج زياد وقال لهما : لا تكونن شذرة عليكما كالبسوس فهتف الغلامان : يا لعمرو ! أنضام ونضطهد ! إن الذليل من أكل في داره . وهتفا بمسروق بن معدي كرب ، فقال مسروق لزياد : أطلقها ، فأبى ، فقال مسروق :
يطلقها شيخ بخديه الشيب . . . ملمع فيه كتلميع الثوب
ماض على الريب إذا كان الريب
Página 177