Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة ، حتى دخلوا على العباس ، وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله ابتعث لكم محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا ، وللمؤمنين وليا ؛ فمن الله عليكم بكونه بين ظهرانيهم ؛ حتى اختار له ما عنده ؛ فخلى على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم متفقين غير مختلفين ، فاختاروني عليهم واليا ، ولأمورهم راعيا ، فتوليت ذلك ، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب . وما أنفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين ، يتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فإما دخلتم فيما دخل فيه الناس ، أو صرفتموهم عما مالوا إليه . فقد جئناك ، ونحن نريد أن نجعل لك في هذا المر نصيبا ولمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومكان أهلك ، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم . وعلى رسلكم بني هاشم ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم منا ومنكم .
فاعترض كلامه عمر ، وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته ، فقال : إي والله . وأخرى : إنا لم نأتكم حاجة إليكم ، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم . فانظروا لأنفسكم ولعامتهم . ثم سكت .
فتكلم العباس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله ابتعث محمدا نبيا كما وصفت ووليا للمؤمنين ، فمن الله به على أمته حتى اختار له ما عنده ، فخلى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم ، مصيبين للحق ، مائلين عن زيغ الهوى ؛ فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم ؛ وما تقدمنا في أمركم فرطا ، ولا حللنا وسطا ، ولا نزحنا شحطا ، فإن يكن هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين . وما أبعد قولك : إنهم طعنوا من قولك إنهم مالوا إليك ! وأما ما بذلت لنا ، فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك ، وإن يكن حق المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه ، وإن يكن حقنا لم نرض لك ببعضه دون بعض . وما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه ، ولكن للحجة نصيبها من البيان . وأما قولك : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ومنكمن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم من شجرة نحن أغصانها ، وأنتم جيرانها . وأما قولك يا عمر : إنك تخاف الناس علينا ، فهذا الذي قدمتوه أول ذلك ، وبالله المستعان . لما اجتمع المهاجرون على بيعة أبي بكر ، أقبل أبو سفيان وهو يقول : أما والله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم ، يا لعبد مناف ، فيم أبو بكر من أمركم ! أين المستضعفان ؟ أين الأذلان ؟ يعني عليا والعباس . ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش . ثم قال لعلي : ابسط يدك أبايعك ، فوالله لأملأنها على أبي فصيل - يعني أبا بكر - خيلا ورجلا . فامتنع عليه علي عليه السلام ؛ فلما يئس منه قام عنه وهو ينشد شعر المتلمس :
ولا يقيم على ضيم يراد به . . . إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته . . . وذا يشج فلا يرثي له أحد
قيل لأبي قحافة يوم ولي الأمر ابنه : قد ولي ابنك الخلافة ، فقرأ : ' قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ' ، ثم قال : لم ولوه ؟ قالوا : لسنه ؟ قال : أنا أسن منه .
Página 138