Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
قوله : اليوم تواقفنا ، القاف قبل الفاء ، تواقف القوم على الطريق ، أي وقفوا كلهم عليها ؛ يقول : اليوم اتضح الحق والباطل ، وعرفناهما نحن وأنتم .
قوله : من وثق بماء لم يظمأ ، الظمأ الذي يكون عند عدم الثقة بالماء ، وليس يريد النفي المطلق ؛ لأن الواثق بالماء قد يظمأ ، ولكن لا يكون عطشه على حد العطش الكائن عند عدم الماء ، وعدم الوثوق بوجوده ، وهذا كقول أبي الطيب :
وما صبابة مشتاق على أمل . . . من اللقاء كمشتاق بلا أمل
والصائم في شهر رمضان يصبح جائعا تنازعه نفسه إلى الغذاء ، وفي أيام الفطر لا يجد تلك المنازعة في مثل ذلك الوقت ، لأن الصائم ممنوع ، والنفس تحرص على طلب ما منعت منه ؛ يقول : إن وثقتم بي وسكنتم إلى قولي كنتم أبعد عن الضلال وأقرب إلى اليقين وثلج النفس ، كمن وثق بأن الماء في إداوته ، يكون عن الظمأ وخوف الهلاك من العطش أبعد ممن لم يثق بذلك .
ومن كلامه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة :
الأصل : أيها الناس ؛ شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة ، وعرجوا عن طريق النافرة ، وضعوا تيجان المفاخرة . أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح . ماء آجن ، ولقمة يغص بها آكلها . ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزراع بغير أرضه ، فإن أقل يقولوا : حرص على الملك ، وإن أسكت يقولوا : جزع من الموت .
هيهات بعد اللتيا والتي ! والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه ، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة .
الشرح : المفاخرة : أن يذكر كل واحد من الرجلين مفاخره وفضائله وقديمه ، ثم يتحاكما إلى ثالث . والماء الآجن : المتغير الفاسد ، أجن الماء ، بفتح الجيم ، يأجن ويأجن ، بالكسر والضم . والإيناع : إدراك الثمرة ، واللتيا : تصغير التي ، كما أن اللذيا تصغير الذي . واندمجت : انطويت . والطوي : البئر المطوية بالحجارة . يقول : تخلصوا عن الفتنة وانجوا منها بالمتاركة والمسالمة والعدول عن المنافرة والمفاخرة . أفلح من نهض بجناح ، أي مات ؛ شبه الميت المفارق للدنيا بطائر نهض عن الأرض بجناحه . ويحتمل أن يريد بذلك : أفلح من اعتزل هذا العالم ، وساح في الأرض منقطعا عن تكاليف الدنيا . ويحتمل أيضا أن يريد : أفلح من نهض في طلب الرئاسة بناصر ينصره ، وأعوان يجاهدون بين يديه ؛ وعلى التقادير كلها تنطبق اللفظة الثانية ، وهي قوله : أو استسلم فأراح ، أي أراح نفسه باستسلامه .
Página 133