108

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Investigador

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

قوله : لولا حضور الحاضر ، يمكن أن يريد به لولا حضور البيعة ، فإنها بعد عقدها تتعين المحاماة عنها ، ويمكن أن يريد بالحاضر من حضره من الجيش الذي يستعين بهم على الحرب . والكظة بكسر الكاف : ما يعتري الإنسان من الثقل والكرب عند الإمتلاء من الطعام . والسغب : الجوع . وقولهم : قد ألقى فلان حبل فلان على غاربه ، أي تركه هملا يسرح حيث يشاء من غير وازع ولا مانع ؛ والفقهاء يذكرون هذه اللفظة في كنايات الطلاق . وعفطة عنز : ما تنثره من انفها ، عفطت تعفط بالكسر ؛ وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة . فأما العنز فالمستعمل الأشهر فيها النفطة بالنون ، ويقولون : ما له عافط ولا نافط ، أي نعجة ولا عنز ، فإن قيل : أيجوز أن يقال العفطة ههنا الحبقة ؟ فإن ذلك يقال في العنز خاصة ، عفطت تعفط . قيل : ذلك جائز ، إلا أن الأحسن والأليق بكلام أمير المؤمنين عليه السلام التفسير الأول ؛ فإن جلالته وسؤدده تقتضي أن يكون ذاك أراد لا الثاني . فإن صح أنه لا يقال في العطسة عفطة إلا للنعجة . قلنا : إنه استعمله في العنز مجازا .

يقول عليه السلام : لولا وجود من ينصرني - لا كما كانت الحال عليها أولا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإني لم أكن حينئذ واجدا للناصر مع كوني مكلفا ألا أمكن الظالم من ظلمه - لتركت ، ولرفضتها الآن كما رفضتها قبل ، ولوجدتم هذه الدنيا عندي أهون من عطسة عنز ، وهذا إشارة إلى ما يقول أصحابنا من وجوب النهي عن المنكر عند التمكن .

الأصل : قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته ، فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه ، فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس رضي الله عنهما : يا أمير المؤمنين ، لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت ! فقال : هيهات يابن عباس ! تلك شقشقة هدرت ثم قرت . قال ابن عباس : فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنين بلغ منه حيث أراد .

قال الرضي : قوله عليه السلام في هذه الخطبة : كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم ، يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها ، وإن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها .

يقال : أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه ، وشنقها أيضا ، ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق . وإنما قال عليه السلام : أشنق لها ، ولم يقل أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله : أسلس لها ، فكأنه قال : إن رفع لها رأسها بالزمام يعني أمسكه عليها . وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب على ناقة وقد شنق عليها فهي تقصع بجرتها .

Página 128