Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
الجزء الأول | الحمد لله [ الواحد العدل ] الحمد لله الذي تفرد بالكمال ، فكل كامل كامل سواه منقوص ، واستوعب عموم المحامد والممادح ، فكل ذي عموم عداه مخصوص ، الذي وزع منفسات نعمه بين من يشاء من خلقه ، واقتضت حكمته أن نافس الحاذق في حذقه فاحتسب به عليه من رزقه وزوى الدنيا عن القفضلاء فلم يأخذها الشريف بشرفه ، ولا السابق بسبقه ، وقدم المفضول على الأفضل لمصلحة اقتضاها التكليف ، واختص الأفضل من جلائل المآثر ونفائس المفاخر بما يعظم عن التشبيه ، ويجل عن التكييف ، وصلى على رسوله محمد ، الذي المكنى عنه شعاعه من شمسه ، وغصن من غرسه ، وقوة من قوى نفسه ، ومنسوب إليه نسبة الغد إلى يومه واليوم إلى أمسه ، فما هما إلا سابق ولاحق وقائد وسائق وساكت وناطق ، ومجل ومضل ، سبقا لمحة البارق ، وأنارا سدفه الغاسق ، صلى الله عليهما ما استخلب خبير ، وتناوح جراء وثبير . وبعد ، فإن مراسم المولى الوزير الأعظم ، الصاحب ، الصدر الكبير المعظم العالم العادل المظفر المنصور المجاهد ، المرابط ، مؤيد الدين عضد الإسلام ، سيد وزراء الشرق والغرب ، أبي طالب محمد بن أحمد بن محمد العلقمي ن نصير أمير المؤمنين _ أسبغ الله عليه من ملابس النعم أضفاها ، وأحله من مراقب السعادة ومراتب السيادة أشرفها وأعلاها _ أيما شرقت عبد دولته ، وربيب نعمته بالاهتمام بشرح ' نهج البلاغة ' على صاحبه أفضل الصلوات ، ولذكره أطيب التحيات - بادر إلى ذلك من بعثه من قبل عزم ثم حمله أمر جزم ، وشرع فيه بادي الرأي شروع مختصر ، وعلى ذكر الغريب والمعنى مقتصر ، ثم تعقب الفكر ، فرأى أن هذه النغبة لا تشفى أواما ، ولا تزيد الحاتم إلا حياما ، فتنكب ذلك المسلك ، ورفض ذلك المنهج ، وبسط القول في شرحه بسطا اشتمل على الغريب والمعاني وعلم البيان ، وما عساه يشتبه ويشكل من الإعراب والتصريف ، وأورد في كل موضع ما يطابقه من النظائر والأشباه ، نثرا ونظما ، وذكر ما يتضمنه من السير والوقائع والأخحداث فصلا فصلا وأشسار إلى ما ينطوي عليه من دقائق علم التوحيد والعدل إشارة خفيفة ، ولوح إلى ما يستدعي الشرح ذكره من الأنساب والأمثال والنكت تلويحات لطيفة ، ورضعه من المواعظ الزهدية ، والزواجزالدينية ، والحكم النفسية ، والآداب الخلقية ، المناسبة لفقره ، والمشاكلة لدرره ، والمنتظمة مع معانيه في سمط ، والمنسقة مع جواهره في لط ، بما يهزأ بشنوف النضار ، ويحجل مع الروض غب القطار وأوضح ما يومئ إليه من المسائل الفقهية ، وبرهن على أن كثيرا من فصوله داخل في باب المعجزات المحمدية ، لاشتمالهاغ على الأخبار الغيبية ، وخروجها عن وسع الطبيعة البشرية . وبين من مقامات العارفين ، التي يرمز إليهخا في كلامه ما لا يعقله إلا العالمون ، ولا يدركه إلا الروحانيون المقربون ، وكشف عن مقاصده عليه السلام في لفظة يرسلها ، ومعضلة يكنى بها ، وغامضة يعرض بها . وخفايا يجمجم بذكرها ، وهنات تجيش في صدره فينفث بها نفثه المصدور ، ومرمضات مؤلمات يشكوها فيستريح بشكواها استراحة المكروب . فخرج هذا الكتاب كتابا كاملا في فنه ، واحدا بين أبناء جنسه ، ممتعا بمحاسنه ، جليلة فوائده ، شريفة مفاصده ، عظيما شأنه ، عاليبة منزلته ومكانه ، ولا عجب أن يتقرب بسيد الكتب إلى سيد الملوك ن ، وبجامع الفضائل إلى جامع المناقب ، وبواحد العصر إلى أوحد الدهر ، فالأشياء بأمثالها أليق ، وإلى أشكالها أقرب ، وشبه الشئ منجذب ، ونحوه دان ومقترب . | ولم يشرح هذا الكتاب قبلي - فيما أعلمه - إلا واحد ، وهو سعيد بن هبة الله بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي ، وكان من فقهاء الإمامية ، ولم يكن من رجال هذا الكتاب ، لاقتصاره مدة عمره على الاشتغال بعلم الفقه وحده ، وأنى للفقيه أن يشرح هذه الفنون التنوعة ، ويخوض في هذه العلوم المتشعبة لا جرم أن شرحه لا يخفى حاله عن الذكي ، وجرى الوادي فطم على القرى ، وقد تعرضت في هذا الشرح لمناقضته في مواضع يسيرة اقتضت الحال ذكرها وأعرضت عن كثير مما قاله ، إذ لم أر في ذكره ونقضه كبير فائدة . وأنا قبل أن أشرع في الشرح أذكر أقوال أصحابنا رحمهم الله في الإمامة والتفضيل والبغاة والخوارج ، ومنبع ذلك بذكر نسب أمير المنؤمنين عليه السلام ، ولمع بسيرة من فضائله ، ثم أثلث بذكر نسب الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي رحمه الله ، وبعض خصائصه ومناقبه ، ثم أشرع في شرح خطبة ' نهج البلاغة ' التي هي من كلام الرضي أبي الحسن رحمه الله ، فإذا انتهيت من ذلك كله في شرح كلام أمير المؤمنين عليه السلام شيئا فشيئا . | ومن الله سبحانه أستمد المعونة ، وأستدر أسباب العصمة ، وأستميح عمائم الرحمة ، وأمتري أخلاف البركة ، وأشيم بارق النماء والزيادة ، فما المرجو إلا فضله ، ولا المأمون إلا طوله ، ولا الوثوق إلا برحمته ، ولا السكون إلا إلى رأفته ، ^ ( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ) ^ | |
Página 10