[النص]
الغدر. وأتوسمكم بحلية المغترين (1) سترني عنكم جلباب الدين (2) وبصرنيكم صدق النية. أقمت لكم على سنن الحق في جواد المضلة (3)، حيث تلتقون ولا دليل . وتحتفرون ولا تميهون (4). اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان (5) غرب رأي امرئ تخلف عني (6) ما شككت في الحق مذ أريته. لم يوجس موسى عليه السلام خيفة على نفسه (7) أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال. اليوم تواقفنا على سبيل الحق والباطل من وثق بماء لم يظمأ
[الشرح]
الجنان أي القلب وهو دعاء للقلب الذي لازمه الخفقان والاضطراب خوفا من الله بأن يثبت ويستمسك (1) ينتظر بهم الغدر يترقب غدرهم ثم كان يتفرس فيهم الغرور والغفلة وأنهم لا يميزون بين الحق والباطل ولهذا لا يبعد أن يجهلوا قدره فيتركوه إلى من ليس له من الحق على مثل حاله. والحلية هنا الصفة (2) جلباب الدين ما لبسوه من رسومه الظاهرة، أي أن الذي عصمكم مني هو ما ظهرتم به من الدين وإن كان صدق نيتي قد بصرني ببواطن أحوالكم وما تكنه صدوركم. وصاحب القلب الطاهر تنفذ فراسته إلى سرائر النفوس فتستخرجها (3) المضلة بكسر الضاد وفتحها الأرض يضل سالكها، وللضلال طرق كثيرة لأن كل ما جار عن الحق فهو باطل، وللحق طريق واحد مستقيم وهو الوسط بين طرق الضلال، لهذا قال أقمت لكم على سنن الحق وهو طريقه الواضح فيما بين جواد المضلة وطرقها المتشعبة حيث يلاقي بعضكم بعضا وكلكم تائهون فلا فائدة في التقائكم حيث لا يدل أحدكم صاحبه لعدم علمه بالدليل (4) تميهون تجدون ماء من أماهوا أركيتهم أنبطوا ماءها، أو تستقون من أماهوا دوابهم سقوها (5) أراد من العجماء رموزه وإشاراته فإنها وإن كانت غامضة على من لا (خبرة) لهم لكنها جلية ظاهرة (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) لهذا سماها ذات البيان مع أنها عجماء (6) غرب غاب، أي لا رأي إن تخلف عني ولم يطعني (7) (يعني)
Página 39