انصرافه من الرحلة، وكان محدث عصره، ولم يختلف أحد في صدقه، وصحة سماعاته، وضبط أبيه يعقوب الوراق لها، وكان يرجع إلى حسن مذهب وتدين. وبلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده. قال: وكان حسن الخلق، سخي النفس، وربما كان يحتاج إلى الشيء لمعاشه فيورق ويأكل من كسب يده، وهذا الذي يعاب به من أنه كان يأخذ على الحديث إنما كان يعيبه به من لا يعرفه؛ فإنه كان يكره ذلك أشد الكراهة ولا يناقش أحدًا فيه، إنما كان وراقه وابنه يطلبان الناس بذلك فيكره هو ذلك ولا يقدر على مخالفتهما.
سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد، وكفاه شرفًا أن يحدث طول تلك السنين ولا يجد أحد فيه مغمزًا بحجة، وما رأينا الرحلة في بلاد من بلاد الإِسلام أكثر منها إليه؛ فقد رأيت جماعة من أهل الأندلس وجماعة من أهل طراز وإسبيجاب على بابه، وكذا جماعة من أهل فارس وجماعة من أهل الشرق.
أقوال العلماء فيه:
قال الحافظ أبو حامد الأعمشي: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الوراق في مجلس مُحَمَّد بن عبد الوهاب الفراء سنة خمس وسبعين ومائتين.
وقال الحاكم: سمعت مُحَمَّد بن الفضل بن مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة سمعت جدي وسئل عن سماع كتاب "المبسوط" من أبي العباس الاسم فقال: اسمعوا منه فإنه ثقة؛ قد رأيته يسمع مع أبيه بمصر وأبوه يضبط سماعه.
وقال أيضًا: سمعت يحيى بن منصور القاضي، سمعت أبا نعيم بن عدي، واجتمع جماعة يسألونه المقام بنيسابور لقراءة "المبسوط" فقال:
1 / 32