Explicación de las dificultades de la poesía de Al-Mutanabbi
شرح المشكل من شعر المتنبي
هذا البيت تفسير للأول، وهو عندي داخل في نوع التضمين، وإن لم يكن منه على الحقيقة، وذلك انه محمول على المعنى. أراد: لأني تأملت بينهم، فوجدتُ سبَبَه إنما هو النُّجعة. وهو كقوله تعالى:) فَقُلنا اضْرِبْ بعَصَاكَ الحَجَر فانْفَجَرت منهِ أثنتاَ عَئرة عينًا (اي فضرب فانفجرت، فكذلك اراد المتنبي، لأني تأملت فإذا الأمر كا، لان المطر إذا وافى، خرجوا في إثره منتجعين له، فصار السحاب بمنزلة الغُراب، في أن أمطاره مشعرة بالبين، كما أن صياح الغراب معلن بذلك عن العرب، وجعله إذن غراب فراقهم، ذهابًا إلى شَبهه به، لان الأخوين في غالب الأمر متشابهان. اي أقام السحاب والأمطار مقام صياح الغراب، في الإيذان بنواهم، وبُعد مثواهم. و) جعَل (هاهنا، بمنزلة صير، فهي متعدية إلى مفعولين؛ كما أن صير كذلك. وذكر السحاب لأنه مما ليس بينه وبين واحده إلا الهاء. وسوغ التذكير في هذا الضرب من الجمع خروجه إلى شكلِ واحداه.
) يحمِلْن مِثل الرَّوضِ إلا أنها ... أسبى مهاةً للقلوب وجُؤذُرا (
شبه ما عللا الهوادخ من الحرير المزين، والوشيب الملون؛ بالروض الذي سارت فيه إبلُهم، في تَزاهي نواويره، وتخايُل أزاهيره. والمها: وهي بقر الوحش؛ عقائلُ الخمائل الأريضة والحقوف المريضة؛ كقول ابن مقبل يصف بقرة وحشية:
عقبلةُ رملٍ في حُقٌوفه ... رَخَاخَ الثرى والأقحوان المُديما
فلما جعل الوشى وما على الهوادج من صنوف الرقم بمنزلة الرياض، جعل ما يستُره من النساء بمنزله المَهَا والجآذر. وذلك في النجلِ والكَحل. ثم استثنى فقال إلا أن ما على الهودج من هذه المها أسبى مهاةً وجُؤذرا للفؤاد، من هذا الروض الباقي. فكأنه قال في كل ذلك: سِرنَ في الروض بمثل نقوشه، من رقُوم الهَوادج، وحَمَلن مثل وحشها من رباتها كقول البحتري:
لما مشين بذي الأراك تَشابهت ... أعطافُ أغصانٍ به وقُدودِ
في حُلتي حِبر وَروض فالتقى ... وشيان وشىُ رُبًا ووشىُ بُرودِ
ومثله قوله؛ أعنى المتنبي:
إذا سَارتِ الأحداجُ فوق نباته ... تَفَاوَح مِسكُ الغانياتِ وَرَندُهُ
واراد: أسبى مهاة للقلوب، وجؤذرًا منه فحذف) من (ومثله كثير.
) فَبِلَحظها نكرتْ قناتي راحتي ... ضعفًا وأنكرَ خاتمايَ الخِنْصَرَا (
اي بُليت بعشقها حتى بليتن فضعفت راحتي، عن حمل قناتي، فأنكرتها كأن القناة تقول: ليست هذه اليد التي عَهدتها، ولا القوة التي شهدتها؛ وكذلك دقت خنصري، ورقت عن خاتمي؛ حتى أنكرها، لما رأى فيها من خلاف ما كانت عليه. وأراد: وانكر خاتمي؛ فوضع الاثنين موضع الواحد، كقول امرئ القيس:
وعينٌ لها حَدرَةٌ بَدرةٌ ... شُقت مآقيهما من أخر
وهذا الضرب من الاتساع وعكسه كثير؛ ونَكِرَ وأنكَرَ. لغتان فصيحتان؛ جمع بينهما في بيت واحد. وهذا من غريب الصنعة الشعرية.
) أمى أبا الفضلِ المثبر أليتي ... لأيممن أجل بحرٍ جوهرا (
اي اقصدى أيتها الخيل أبا الفضل؛ الذي لما حلفت فقلت:) لأيممنَّ أجل بحر جوهرًا (والله او غير ذلك من أنواع المقسم به، ثم قصدته؛ فألقيته أجل البحور جوهرًا، أبر بذلك يميني. وقوله لأيممن أجل بحر. تفسير الألية.
أنى لما حلفت لأيَممن أسنى البحور جوهرًا، لم أعلم اي البحور هو وقد لزمتني الألية؛ فاستفتيت فقهاء الأنام ومتفلسفيهم؛ فأفتوا به وقالوا: إذا يممت أبا الفضل ابن العميد، فقد بَرَرت لنه أجل جوهرًا، وجلالة الجوهر كناية عن جزالة العطاء ولو قال: أفتى بأمه الأنام فاتزن له؛ لكان أشد تطابقًا لما قبله؛ ولكن لم يستقيم فيه الوزن. وسوغ ذلك أنه إذا كانت رؤية فقد كان أم. وهذا لا ينعكس، لأنه قد يكون أمٌّ ولا رؤية.
) خَنثى الفُحُول من الكُماة بصبغهِ ... ما يَلبسون من الحديدِ مُعصفرا (
) خنثى الفحول من الكماة (: خَنَث اللهُ الخَنِث: خلقه خُنثىَ. وهو الذي لا يخلُص إلى الإناثية، ولا إلى الذُكورية. والمعصفر: من زى الإناث، وذوى الانخناث. فيقول: صير الفُحول من الكماة إناثًا، بصبغة ما يلبسون من الدروع والجواشن والبيض بالدم. فزياهم زي النساء، وألحقهم بهن في الجُبن، بما ألقى في قلوبهم من الرعب.
) فَدَعاك حُسدُك الرئيس وأمسكُوا ... ودعاكَ خالقكُ الرئيس الأكبرا (
1 / 97