190

Explicación de los Textos Difíciles de las Tradiciones

شرح مشكل الآثار

Editor

شعيب الأرنؤوط

Editorial

مؤسسة الرسالة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1415 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَحْبَرَنَا ابْنُ حَاضِرٍ أَوْ أَبُو حَاضِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " قَرَأَ مُعَاوِيَةُ فِي الْكَهْفِ (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ) فَقُلْتُ: إنَّا نَقْرَؤُهَا ﴿حَمِئَةٍ﴾ [الكهف: ٨٦] " فَسَأَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْهَا فَقَالَ: كَمَا قَرَأْتَهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُلْتُ: " فِي بَيْتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ " قَالَ: فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إلَى كَعْبٍ يَسْأَلُهُ أَيْنَ تَجِدُ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ: فَقُلْتُ: لِابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كُنْتُ عِنْدَكُمْ لَرَفَدْتُكَ بِمَا تَزْدَادُ بِهِ بَصِيرَةً فِي حَمِئَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَمَاذَا هُوَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَجُدُ فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ تُبَّعٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ كَلَفِهِ بِالْعِلْمِ وَإِمْعَانِهِ إيَّاهُ.
[البحر الكامل]
بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي ... أَسْبَابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ
فَرَأَى مَغَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " مَا الْخُلُبُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: الطِّينُ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ: فَمَا الثَّأْطُ؟ قُلْتُ: الْحَمَأَةُ قَالَ: فَمَا الْحَرْمَدُ؟ قُلْتُ: الْأَسْوَدُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ: " اكْتُبْ مَا يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ " فَقَالَ قَائِلٌ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ ⦗٢٦١⦘ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَيْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ; لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَفِي هَذَا غُرُوبُهَا فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَالطِّينُ فَإنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ أَنَّ الطِّينَ قَدْ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْ أَضْيَافِ إبْرَاهِيمَ ﵇ مِمَّا كَانَ جَوَابًا مِنْهُمْ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ﴾ [الذاريات: ٣٢] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطِّينَ فِي السَّمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَفِي شِعْرِ تُبَّعٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ: فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَغِيبَهَا وَأَنَّهُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هُوَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﵇ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ هُوَ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ وَفِيمَا سِوَاهَا وَمَعَ هَذَا فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الرُّؤْيَةُ الَّتِي أَرَادَهَا تُبَّعٌ رُؤْيَةَ يَقِينٍ وَعِلْمٍ بِالْقَلْبِ لَا رُؤْيَةَ عَيْنٍ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٤٣] فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رُؤْيَةِ الْقُلُوبِ وَيَقِينِهَا لَا عَلَى رُؤْيَةِ الْأَبْصَارِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الِالْتِئَامِ بِغَيْرِ تَضَادٍّ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافٍ وَقَدْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَعْنِي " حَمِئَةً " غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ مَا قَرَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ (حَامِيَةٌ) مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ

1 / 260