وَحَيْثُ وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فَهُوَ طَاهِرٌ، لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ الْمُتَّصِلِ.
وَالْمُتَّصِلُ طَاهِرٌ، فَكَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ (أَوْ) أَيْ وَكَطَهُورٍ قَلِيلٍ (غَسَلَ بِهِ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ لِخُرُوجِ مَذْيٍ دُونَهُ) أَيْ الْمَذْيِ لِتَنَجُّسِهِ بِهِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى غَسْلِ يَدَيْ الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ (أَوْ) أَيْ وَكَطَهُورٍ قَلِيلٍ (غُمِسَ فِيهِ كُلُّ يَدِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٌ لِوُضُوءٍ) لَوْ كَانَ (أَوْ حَصَلَ) الْمَاءُ الْقَلِيلُ (فِي كُلِّهَا) أَيْ الْيَدِ، بِأَنْ صَبَّ عَلَى جَمِيعِ يَدِهِ مِنْ الْكُوعِ إلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ (وَلَوْ بَاتَتْ) أَيْ الْيَدُ الْمَذْكُورَةُ (مَكْتُوفَةً أَوْ بِجِرَابٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (وَنَحْوَهُ) كَكِيسِ صَفِيقٍ (قَبْلَ غَسْلِهَا) أَيْ الْيَدِ (ثَلَاثًا) فَلَا يَكْفِي غَسْلُهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ (نَوَاهُ) أَيْ الْغَسْلَ (بِذَلِكَ) الْغَمْسِ أَوْ الْحُصُولُ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ.
لِقَوْلِهِ ﷺ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا. فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَذَا الْبُخَارِيُّ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ثَلَاثًا فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنًى لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِغَمْسِ بَعْضِ الْيَدِ وَلَا يَدِ كَافِرٍ، وَلَا غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَا غَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، كَنَوْمِ النَّهَارِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ الْمُكَلَّفِينَ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ، وَالْمَبِيتُ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي كُلِّ الْيَدِ، وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ بَعْضُهَا.
وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُطْلَقَةِ وَالْمَشْدُودَةِ بِنَحْوِ جِرَابٍ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ. وَلِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّقَ عَلَى الْمَظِنَّةِ لَمْ تُعْتَبَرْ حَقِيقَةُ الْحِكْمَةِ، كَالْعِدَّةِ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ (وَيُسْتَعْمَلُ ذَا) الْمَاءُ الَّذِي غَمَسَ فِيهِ كُلَّ الْيَدِ أَوْ حَصَلَ فِي كُلِّهَا: فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَكَذَا مَا غَسَلَ بِهِ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ لِخُرُوجِ مَذْيٍ دُونَهُ (إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ) لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَالْقَائِلُونَ بِطَهُورِيَّتِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْقَائِلِينَ بِسَلْبِهَا (مَعَ تَيَمُّمٍ) أَيْ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وُجُوبًا حَيْثُ شَرَعَ، لِأَنَّ الْحَدَثَ لَمْ يَرْتَفِعْ لِكَوْنِ الْمَاءِ غَيْرَ طَهُورٍ فَإِنْ تَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ أَوْ التَّيَمُّمَ بِلَا عُذْرٍ، أَعَادَ مَا صَلَّى بِهِ، لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا يَأْتِي، وَلَا أَثَرَ لِغَمْسِهَا فِي مَائِعٍ طَاهِرٍ، لَكِنْ يُكْرَهُ غَمْسُهَا فِي مَائِعٍ وَأَكْلُ شَيْءٍ رَطْبٍ بِهَا، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَطَهُورٍ مُنِعَ مِنْهُ لِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ) الْمُكَلَّفَةِ بِهِ لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ (أَوْلَى) بِالِاسْتِعْمَالِ، مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ، لِبَقَاءِ طَهُورِيَّتِهِ، وَيَتَيَمَّمُ فِي مَحَلِّهِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدَ هَذَيْنِ الْمَاءَيْنِ وَعَدِمَ غَيْرَهُمَا فَالطَّهُورُ الْمَذْكُورُ أَوْلَى مَعَ التَّيَمُّمِ (أَوْ) أَيْ وَكَطَهُورٍ قَلِيلٍ (خُلِطَ بِمُسْتَعْمَلٍ) فِي رَفْعِ
1 / 19