وأبطل هذا التعريف بأمرين:
أحدها: أن المعرفة مرادفة للعلم، يقال: "علمت الشيء وعرفته" بمعنى واحد (١) ولهذا قيل في قوله تعالى: ﴿لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ (٢) أي لا تعرفونهم.
وتعريف الشيء بمرادفه لا يصح إذ هو تعريف له بنفسه (٣).
الثاني: أنه تعريف دوري (٤) لأن لفظ المعلوم مشتق من العلم ولا بد (من) (٥) معرفته، وحينئذ يحتاج في معرفة العلم إلى معرفة العلم وهو دور (٦).
وقال بعضهم: تبين المعلوم على ما هو به (٧).
والحد للحقيقة ينتظمها شاهدًا وغائبًا، والله سبحانه يتعالى
(١) قال الغزالي: المعرفة خلاف العلم في اللغة، فإنها لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد والعلم يتعدى إلى مفعولين، المنخول للغزالي ص (٣٩).
(٢) سورة الأنفال: (٦٠)، واستدل له بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)﴾ [البقرة: ١٤٦] حيث أقام العلم مقام المعرفة والمعرفة مقام العلم، راجع التمهيد لأبي الخطاب (١/ ٣٧).
(٣) انظر: المستصفى للغزالي (١/ ٢٤).
(٤) الدور هو: توقف الشيء على ما يتوقف عليه، قاله الجرجاني في التعريفات ص (١٠٤).
(٥) ما بين المعكوفين تكرر بالأصل.
(٦) ما بين الحاصرتين نقله المؤلف من شرح مختصر الطوفي (١/ ٤٨ / ب).
(٧) نسبة أبو الخطاب إلى بعض الأشعرية.
انظر: التمهيد له (١/ ٣٦).