Explicación Breve del Jardín
شرح مختصر الروضة
Investigador
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Editorial
مؤسسة الرسالة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعَدِّي عَلِمْتُ، وَقَوْلَنَا: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ عَنِ الْأَدِلَّةِ، لَا يُدَلُّ عَلَيْهِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ تَأْوِيلِ «عَنْ» بِمَعْنَى «مِنْ»، فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ «مِنْ» الدَّالَّةِ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ «عَنْ» الَّتِي لَا تَدُلُّ إِلَّا بِوَاسِطَةٍ.
وَلَمْ آتِ أَنَا فِي الْمُخْتَصَرِ بِلَفْظِ «مِنْ» عِوَضًا عَنْ لَفْظِ «عَنْ»، لِأَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ بِلَفْظِ عَنْ، فَلَمْ أُغَيِّرْ لَفْظَهُ.
تَنْبِيهٌ يَتَعَلَّقُ بِتَحْقِيقِ قَوْلِنَا: إِذْ يُقَالُ: «عَلِمْتُ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ» . وَتَقْرِيرُهُ، أَنَّ «إِذْ» وُضِعَتْ فِي اللُّغَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الزَّمَنِ الْمَاضِي، كَقَوْلِكَ: قُمْتُ، أَيْ: فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي الَّذِي قُمْتَ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهَا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضُوعِ التَّعْلِيلِ وَالدَّلِيلِ، فَيُقَالُ مَثَلًا: الْحُكْمُ فِيُ كَذَا كَذَا، إِذْ يُقَالُ: أَيْ: لِأَنَّهُ يُقَالُ: كَذَا لَا كَذَا، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: إِلَّا كَذَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ كَذَا، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ الْعُرْفِيُّ مُطَابِقٌ لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَكَ: قُمْتُ إِذْ قُمْتَ فِي مَعْنَى قَوْلِكَ: قُمْتُ لَمَّا قُمْتَ، وَلِمَا فِيهَا أَيْضًا مَعْنَى الزَّمَانِ، لِأَنَّهَا بِمَعْنَى حِينَ، أَيْ: قُمْتُ حِينَ قُمْتَ.
وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ أَوِ الْمُسْتَدِلِّ مَثَلًا: النَّبِيذُ حَرَامٌ إِذْ هُوَ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ، إِذْ هِيَ شَرْطٌ فَتَجِبُ مُقَارَنَتُهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ، فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: لَمَّا كَانَ النَّبِيذُ مُسْكِرًا، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، حُرِّمَ النَّبِيذُ. وَلَمَّا كَانَتِ النِّيَّةُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّوْمِ، وَالشَّرْطُ تَجِبُ مُقَارَنَتُهُ
1 / 146