Explicación Breve del Jardín
شرح مختصر الروضة
Investigador
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Editorial
مؤسسة الرسالة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: فَإِنْ قُلْنَا: الثَّوَابُ يُسْتَحَقُّ بِالْعَمَلِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُمْكِنًا، مُتَصَوَّرَ الْوُقُوعِ، لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْعَمَلُ عَلَمٌ عَلَى الثَّوَابِ، لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُتَصَوَّرَ الْوُقُوعِ، وَكَانَ عَدَمُهُ لِامْتِنَاعِهِ عَلَمًا عَلَى مَا يُرَادُ بِالْمُكَلَّفِ مِنَ الْجَزَاءِ، كَالْكَافِرِ، كَانَ عَدَمُ إِيمَانِهِ عَلَمًا عَلَى عَذَابِهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى سِرِّ الْقَدَرِ الَّذِي سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
وَأَمَّا مَأْخَذُهَا سَمْعًا فَقَوْلُهُ ﷾: ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦]، أَقَرَّ قَائِلِيهِ عَلَيْهِ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ لَهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ جَائِزًا لَمَا سَأَلُوا دَفْعَهُ، وَلَا أَقَرَّهُمُ اللَّهُ ﷾ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ لِمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سَأَلُوهُ وَأَقَرَّهُمْ، دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا قَاطِعٌ، وَأُجِيبُ عَنْهُ، بِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، إِذْ قَدْ يَقَعُ السُّؤَالُ بِمَا لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ غَيْرُهُ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: ١١٢]، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ ﷾ يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَاطِلِ، وَيُمْدَحَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: ٢٩]، مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الظُّلْمُ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا أَنْ لَا يُكَلِّفَهُمْ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا مُتَعَارَفٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّخْصُ لِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ: لَا أُطِيقُهُ، لَا أَنَّهُمْ عَلِمُوا جَوَازَ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، فَسَأَلُوا نَفْيَهُ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ، فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ بِعَيْنِهَا، وَفِي آيَاتٍ غَيْرِهَا: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦]، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ مَا سَبَقَ.
أَمَّا وُقُوعُ مَا لَا يُطَاقُ، فَلَمْ يَقَعْ فِي فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي أُصُولِهَا، فِي
1 / 240