121

Explicación Breve del Jardín

شرح مختصر الروضة

Editor

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Editorial

مؤسسة الرسالة

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّارِ، وَأَنَّهَا حَارَّةٌ، وَمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَأَنَّهُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَإِمَّا كَسْبِيٌّ، كَتَصَوُّرِنَا مَعْنَى الْمَلَكِ، وَأَنَّهُ مِنْ نُورٍ، وَمَعْنَى الْجِنِّيِّ، وَأَنَّهُ مِنْ نَارٍ.
وَأَمَّا مَدَارِكُ الْعِلْمِ، وَهِيَ الطُّرُقُ الَّتِي يُدْرَكُ بِهَا، فَهِيَ عَلَى تَعَدُّدِهَا، إِمَّا حِسٌّ أَوْ عَقْلٌ أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا.
وَالْحِسُّ: إِمَّا بَاطِنٌ، وَهُوَ الْوِجْدَانُ، كَمَا يَجِدُهُ الْحَيُّ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْأَلَمِ وَاللَّذَّةِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَوَارِضِ النَّفْسِ، وَإِمَّا ظَاهِرٌ، وَهُوَ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ: السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَاللَّمْسُ.
وَالْعَقْلُ: غَرِيزَةٌ طَبَعِيَّةٌ يُدْرَكُ بِهَا الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةُ، وَقِيلَ: عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ، وَهِيَ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ، وَاسْتِحَالَةِ الْمُسْتَحِيلَاتِ، وَجَوَازِ الْجَائِزَاتِ، وَقِيلَ: جَوْهَرٌ بَسِيطٌ يُدْرِكُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَطَلْتُ الْقَوْلَ فِيهِ لَفْظًا وَمَعْنًى فِي كِتَابِ «إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ» وَهَلْ مَحَلُّهُ الرَّأْسُ أَوِ الْقَلْبُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلنَّاسِ، وَرِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ فِي الرَّأْسِ، وَهَلْ يَخْتَلِفُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَالْكَمَالِ وَالنَّقْصِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: نَعَمْ، لِأَنَّ كَمَالَ الشَّيْءِ وَنَقْصَهُ يُعْرَفُ بِكَمَالِ آثَارِهِ وَأَفْعَالِهِ وَنَقْصِهَا، وَنَحْنُ نُشَاهِدُ قَطْعًا تَفَاوُتَ آثَارِ الْعُقُولِ فِي الْآرَاءِ وَالْحِكَمِ وَالْحِيَلِ وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَفَاوُتِ الْعُقُولِ نَفْسِهَا، وَأَجْمَعَ الْعُقَلَاءُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْقَائِلِ: فُلَانٌ أَقَلُّ عَقْلًا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ أَكْمَلُ عَقْلًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَحَكَوْا عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ خِلَافَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَقْلَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ يَرْجِعُ إِلَيْهَا النَّاسُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ، وَلَوْ تَفَاوَتَتِ الْعُقُولُ، لَمَا كَانَ كَذَلِكَ، وَكَانَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ السَّفْسَطَةُ، إِذْ كَانَ يَتَّسِعُ لِبَعْضِ النَّاسِ إِذَا أُلْزِمَ أَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، أَوِ اسْتِحَالَةِ

1 / 172